عدد اليوم
فاطمة عطفة (أبوظبي)
تشير الدراسات التاريخية إلى أن المستشرق الألماني جوزيف شاخت (1902-1969) يعد من كبار المستشرقين الذين كرسوا حياتهم لدراسة التراث العربي الإسلامي، وأصدروا أمهات الكتب، وخاصة أن سلسلة «عالم المعرفة» الكويتية أصدرت كتابه الموسوعي «تراث الإسلام» في ثلاثة مجلدات، وهذا الكتاب يعتبر من أهم أعمال شاخت. ومن آرائه المنصفة للتعاليم الإسلامية في هذا الكتاب قوله: «من أهم ما أورثه الإسلام للعالم المتحضر قانونه المدني المسمَّى.. الشريعة». ويضيف: «إن الشريعة الإسلامية قانون فريد في بابه، وهي مجموعة الأوامر الإلهية التي تنظم حياة كل مسلم من جميع الوجوه».
والمستشرق شاخت عمل أستاذاً في أكثر من جامعة ألمانية، إضافة إلى الجامعة المصرية، وأسفورد وليدن وكولومبيا، وأصبح رئيس الدراسات الشرقية في جامعة كونينسبورج. وقد أولى اهتمامه لدراسة التشريع الإسلامي ونشأته ودوره في حياة المسلمين، ومن الكتب التي ألفها في هذا المجال، إضافة لكتابه السابق: «نشأة الفقه في الإسلام»، و«خلاصة تاريخ الفقه الإسلامي».
ويقول جوزيف شاخت: «على الطرف المقابل من البحر المتوسط، نجد أن التشريع الإسلامي قد أثر تأثيراً عميقاً في جميع فروع القانون، كما أن التشريع الإسلامي ترك تأثيره على أبناء الديانات الأخرى الذين شملهم تسامح الإسلام وعاشوا في الدولة لإسلامية». وفي مطلع العقد الثالث من القرن الماضي، كتب شاخت عدة مقالات أكاديمية في الفقه الإسلامي، كما تناول مسائل معاصرة في مقالة بعنوان: «الشريعة والقانون في مصر المعاصرة» عام 1936. ثم عاد ليركز اهتمامه على نشوء الفقه، حيث قام بدراسة مستفيضة حول الإمام الشافعي.
واللافت في أهمية شاخت أن علماء آخرين عملوا معه وتحت إشرافه لاستكمال رسالته في دراسة التراث الإسلامي. ومن هؤلاء الأعلام: مارتن بلسنر في مجال الطب والعلوم الطبيعية، وجوان فرنييه في مجال الرياضيات والفلك والبصريات، ثم أو. رايت في مجال دراسة الموسيقى. وكان د. عبد الرحمن بدوي، المفكر الراحل الكبير، على معرفة به في القاهرة.
تجدر الإشارة إلى أن مجلدات كتاب «تراث الإسلام» لجوزيف شاخت قام بترجمتها المؤرخ الجليل حسين مؤنس، إضافة إلى د. محمد زهير السمهوري وإحسان صدقي الحمد، وتعليق وتحقيق د. شاكر مصطفى، وراجعه المفكر الكبير فؤاد زكريا، وصدر عن عالم المعرفة في الكويت عام 1979.
