هويدا الحسن (العين)
يعد الفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي (1913-2012) من أكثر فلاسفة الغرب في العصر الحديث إثارة للجدل، اعتنق الإسلام عام 1982 وأشهر إسلامه في المركز الإسلامي بجنيف. حصل روجيه جارودي على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون العريقة عام 1953، وبعدها بعام حصل على الدكتوراه في العلوم من موسكو، وانتخب عضواً في مجلس الشيوخ عام 1945.
ويقول جارودي عن إسلامه:«إنه وجد أن الحضارة الغربية بنيت على فهم خاطئ للإنسان، وإنه طوال حياته كان يبحث عن معنى محدد لم يجده إلا في الإسلام».
ظل جارودي ملتزماً بقيم العدالة الاجتماعية، ووجد أن الإسلام ينسجم مع ذلك ويطبقه بشكل كبير، وفي تلك المرحلة تراجعت الكثير من قناعات جارودي وتبدلت الكثير من آرائه وأفكاره، لكن بقي الإسلام هو القناعة الوحيدة الراسخة لديه، وظل يبحث عن نقطة التقاء العقل بالضمير، ويشير جارودي أن تعاليم الإسلام مكنته من إيجاد تلك النقطة والتوحيد بينهما.
وفي أحاديثه روى جارودي قصة إسلامه قائلاً:«الرصيد الأبرز في حياتي، والذي صاغ وجداني وهيأني للدخول إلى الإسلام، بدأ يتشكل في الجزائر (معسكر عين أسرار، الجلفة)، حيث كنت جندياً فرنسياً ضمن قوات الاحتلال للجزائر، ووقعت مع مجموعة من الجنود الأسرى في أيدي الثوار الجزائريين، وحدث تمرد من الأسرى الفرنسيين في معسكر الاعتقال، فأمر قائد المعسكر بإطلاق النار على المتمردين، وكانت السرية الجزائرية المكلفة بإطلاق النيران علي وزملائي من المسلمين وفوجئت بهم يرفضون إطلاق النار علينا، وسألت قائد السرية لماذا فعلوا ذلك؟ فقال لي: لأننا مسلمون، ومن العار أن نطلق النار على أسير أعزل لا سلاح معه، وكانت الصدمة الأولى التي زلزلت حياتي، ويومها عرفت أن الإسلام هو الذي أنقذ حياتي·· وأنا عمري 28 عاماً، وظل بداخلي حتى اعتنقت الإسلام عام 1982».
وقدم جارودي بعد إسلامه أربعين كتاباً عن الإسلام منها: وعود الإسلام، الإسلام دين المستقبل، المسجد مرآة الإسلام، وغيرها من الكتب المهمة التي تناول من خلالها الفكر الإسلامي، وألقى فيها الضوء على سماحة الإسلام وتحقيقه لمبادئ العدالة الاجتماعية التي ظل يؤمن بها طوال حياته وحتى وفاته، ففي كتابه «الإسلام دين المستقبل»، يصف جارودي شمولية الإسلام قائلاً: «أظهر الإسلام شمولية كبرى في استيعابه لسائر الشعوب ذات الديانات المختلف، فقد كان أكثر الأديان شمولية في قبوله للذين يؤمنون بالتوحيد، وكان منفتحاً على ثقافتهم وحضاراتهم».
وقد لاقى جارودي العديد من التكريمات والجوائز من العالم الإسلامي، من بينها جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1986 عن كتابه «وعود الإسلام».