فاطمة عطفة (أبوظبي)
جاء في مقدمة ترجمة كتاب «نشأة الإنسانيات عند المسلمين وفي الغرب المسيحي» تأليف المستشرق الأميركي (من أصل فلسطيني) جورج مقدسي، أنه «كتاب نفيس عالج فيه صاحبه موضوعاً لم يُسبق إليه قطّ، وهو نشأة العلوم الإنسانية في الإسلام الكلاسيكي والغرب المسيحي من منظور مقارن». وقد فاز مترجمه د. أحمد العدوي بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع الترجمة عام 2022.
وكان كتاب المؤلف الأول عن نشأة الكليات الجامعية في الغرب، بعد نشأة حلقات التدريس في المساجد والمعاهد العربية بقرون. ويوضح د. العدوي أن مقدسي قدم في الكتابين «معلومات وتحليلات تمتاز بالثراء والجدة والأصالة عن النظام التعليمي في الحضارة الإسلامية، من بدء ظهور الإسلام إلى مستهل القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي».
وفي الكتابين دراسة تاريخية معمقة لظاهرة التعليم نفسها في الإسلام والغرب: حيث خلص مقدسي إلى أن النظام التعليمي المسمى «المدرسي» الغربي، استُعير بالكلية من الإسلام، مع خضوعه لبعض التغييرات من باب التكيف مع بيئته الجديدة التي زُرع فيها». ويلفت النظر إلى أن «المؤسسات التعليمية المسمَّاة بالكليَّات (Colleges) قد استُعيرت أوروبيّاً من النظام العام لمدارس الفقه في الإسلام».
ويؤكد د. أحمد العدوي أن «أعمال مقدسي بوجه عام نبَّهت المؤرخين الأوروبيين إلى افتقار المكتبة التاريخية الغربية إلى دراسات مقارِنة بين الإسلام والغرب المسيحي، وإن هذا الافتقار كان سبباً في التشويش على كثير من الحقائق التاريخية، ومن جملتها: أصول الجامعات الأوروبية». والكتاب يغطي ما يقارب ستة قرون، ويركز على الفترة المتدة بين القرنين الثالث والخامس الهجريين/ التاسع والحادي عشر الميلاديين.
يحتوي الكتاب على سبعة أبواب، وهو كتاب موسوعي يقع في حدود 900 صفحة من القطع الكبير، ومؤلفه العلامة الأكاديمي جورج مقدسي (1920-2002) تلقى تعليمه الأول في الولايات المتحدة، وحصل على الدكتوراه من السوربون بالدراسات العربية والإسلامية، كما أمضى فترة من حياته بين دمشق والقاهرة. والمترجم د. أحمد العدوي باحث ومؤرخ مصري متخصص في التاريخ الإسلامي.