السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«ويل ديورانت».. وسرّ الإعجاب بنور الإسلام وشخصيّاته

«ويل ديورانت».. وسرّ الإعجاب بنور الإسلام وشخصيّاته
24 مارس 2024 02:53

محمد عبدالسميع (الشارقة)

وصل المستشرقون والمؤرخون الأجانب إلى درجة عالية من الانسجام الروحيّ مع روعة الدين الإسلامي، وقراءة مضامينه وأنسامه التي تهبّ على النفس البشرية، فتترك فيها أطيب الأثر، ومن ذلك ما فعله المؤرخ الأميركي والفيلسوف «ويل ديورانت» صاحب الكتاب الموسوعة، ذي الأحد عشر مجلّداً، «قصة الحضارة»، وغيرها من المؤلفات التي أظهرت مقدار ما يتميّز به هذا المفكر من قوة الطرح والإخلاص للفكرة ومتابعة مفرداتها بشكلٍ موضوعيّ.
 وُصِفَ ديورانت بفكره التنويري ورحلته الطويلة التي زار فيها أغلب البلدان في مصر والشرق الأدنى والهند والصين واليابان ومنشوريا وسيبيريا وروسيا، كمغامرة حول العالم أكسبتهُ معرفة عادات الشعوب وتقاليدهم، في مقارنة واضحة بين الشرق والغرب، أمّا كتاب «قصة الحضارة» الذي ألفه سنة 1927 والذي تفرّغ له كمشروع فريد من نوعه، فكان بالفعل عملاً موسوعياً ضخماً أنجزه بصحبة زوجته المخلصة وابنته أيضًا. وكانت وفاته سنه 1981 بعد أن ترك للبشرية هذا المنجز الخالد الذي وثّق فيه رؤيته وانطباعاته ورحلاته وتأملاته، وأنصف خلاله الدين الإسلامي في العديد من المواضيع والمفردات.
 والجميل في وصف وإعجاب المفكر ديورانت بالإسلام أنه وصف النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، بالقائد الماهر  وكيف رفع النبي صلوات الله وسلامه عليه، المستوى الروحي والأخلاقي لشعبٍ أثّرتْ عليه قسوة الطبيعة، وكيف غيّر من عبادة العرب للأوثان إلى قبائل متماسكة وموحدة، وفي أوصافه للصلوات الخمس كانت الترجمات عن ديورانت تنقل أروع الكلمات وأعذبها، وهو يفصّل في شفافية وروعة صلاة الفجر والناس نيام، وكذلك صلاة الظهر وبقية الصلوات، بل لقد أعجب بصوت الأذان، وذلك الارتباط الروحي مع الخالق لأمة المسلمين في جميع أنحاء العالم، كما أشاد بقيمة الوضوء قبل الصلاة، كقيمة للنظافة والطهارة، كما قرأ الفروض الأخرى، كالزكاة التي تنمّي المال، وتعين الفقراء والمحتاجين نحو عدالة مجتمعية نموذجية كرّسها دين الإسلام.
لقد تحدّث ديورانت عن الإسلام وسرعة انتشاره،  وكيف تغيّرت حياة الناس واتصفت نفوسهم وأفعالهم بالعزّة والكرامة، كما تناول موضوعاً مهماً هو احترام المسيحيين لإخوانهم المسلمين ودراستهم مؤلفات فقهائهم وفلاسفتهم، من منطلق الإعجاب بها واحترامها والتعلّم منها، وفي مواضيع أخرى، كما لم ينسَ المؤرخ ديورانت ما أوجده الإسلام للمرأة من مكانة وحضور، بعد أن كانت توأد في الجاهلية، حيث أصبحت تمارس حقوقها ومكتسباتها الإنسانية جنباً إلى جنب مع الرجل.
وهكذا تنوعت مصادر إعجاب ديورانت بالإسلام وتعاليمه وشخصياته، مثل شخصية صلاح الدين الأيوبي، وشخصيات الخلافة الراشدة في عصر الدولة الإسلامية، وتأثير هذه الشخصيات في ازدهار العلم والفكر والفلسفة، استناداً إلى قوة الدولة الإسلامية وأمانها في تلك العصور.
أمّا احترام المسلمين للمسيحيين، فكان محلّ إعجاب كبير لديورانت، حيث كانت شواهد الأخوّة بين المسلمين والمسيحيين بارزةً في حديثه عن الطوائف المسيحية التي كانت تنعم بالأمن والأمان وحرية الدين والمعتقد، في ظلّ الدولة الإسلامية، وكذلك شعور الرهبان في الكنائس والأديرة بالأمان وقيمة العيش الإنساني المشترك، وكيف أثّرت اللغة العربية على الجميع في ثوبٍ من الأُخوّة والمودّة والتحابّ، ولم يقف ديورانت فقط عند هذا، بل ذهب يتحدث عن أطباء المسلمين وعلمائهم ونوابغهم في الفكر والفلسفة، أما صانع هذا كله، فكان النبي الأميّ الذي كانت دعوته رحمةً للعالمين، وإحساناً لهم نحو حياة كريمة تنعم خلالها الإنسانية بالخير والصلاح.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©