الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

جورج سارتون.. شغف بتاريخ العلوم في الحضارة العربية الإسلامية

جورج سارتون
23 مارس 2024 02:06

فاطمة عطفة (أبوظبي)

كرس المستشرق الأميركي البلجيكي جورج ألفرد ليون سارتون (1884–1956) حياته الأكاديمية لدراسة العلوم، وكان يرى أن الإنسان لا يمكن أن يستغني عن الإيمان الديني، مؤكداً أهمية مثلث الدين والعلم والفن، لأن العلم بشكله المطلق ضرورة للحياة، ولكنه بمفرده غير كافٍ إطلاقاً. 
ولذا فقد توجه سارتون في الجامعة إلى دراسة الفلسفة، ثم آثر دراسة العلوم الطبيعية، وحصل على أوسمة جامعية، إضافة إلى ميدالية ذهبية في الكيمياء، قبل أن يحصل على الدكتوراه عام 1911، كما خدم في الحرس الوطني في بداية الحرب العالمية الأولى، ثم هاجر إلى إنجلترا ليعمل في مكتب الحرب، ولكن ضائقة العيش دفعته للهجرة مع أسرته الصغيرة عام 1915 إلى الولايات المتحدة، حيث عمل بالتدريس في جامعة ألينوي. وكان قد حصل على جائزة من أكاديمية العلوم في باريس عن كتابه «تاريخ العلوم»، ثم تولى التدريس في جامعة كولومبيا، وأصبح تالياً محاضراً في جامعة هارفارد، وباحثاً مشاركاً في معهد كارنيغي للسلام في واشنطن.
وقد واصل البروفيسور سارتون الاهتمام بتتبع تاريخ العلم، وأراد أن يتولى تأليف موسوعة من 9 مجلدات عن تاريخ العلوم. 
وخلال إعداده المجلد الثاني، رأى أن العلوم تشغل مكانة مرموقة في الحضارة العربية الإسلامية، فبادر بتعلم اللغة العربية، وسافر متنقلاً بين مصر وسائر بلدان المشرق العربي ليطلع على مخطوطات العلماء المسلمين في هذه البلدان. وخلال جولته المشرقية، عمل مع بعض المستعربين الإسبان، وفي طليعتهم خوليان ربيرا تاراغو وميغيل أسين بلاثيوس. وشغف هذا العالم بالحضارة المصرية جعله يطلق على المجلة التي أصدرها اسم «إيزيس»، وقد ساهم المستعربون الإسبان معه بنشر مقالاتهم في المجلة، وكان يعتبر خوليان ريبيرا رائد الاستعراب الإسلامي.
ويتأمل سارتون تاريخ العلوم في ضوء الحضارة العربية، فيرى أن انتقال الناس إلى الإسلام كالانتقال من الظل إلى الشمس الساطعة، ومن العالم النائم إلى عالم يموج بالطاقة والنشاط، معتبراً أن المسلمين هم عباقرة الشرق، ولهم على الإنسانية مآثر عظيمة تتمثل في كتابة أهم الدراسات العلمية قيمة وعمقاً وأصالة باللغة العربية. والدين الإسلامي هو الذي أعطى الشعوب الإسلامية قوتها وتماسكها.
وأهم الأعمال التي تركها المستشرق الكبير جورج سارتون بين 1927 و1965، يمكن إيجازها في ما يلي: مدخل إلى تاريخ العلوم من هوميروس إلى عمر الخيام، ومدخل إلى تاريخ العلوم من رابي بن عزرا إلى روجر بيكون، وتاريخ العلوم والإنسانيات الجديدة، ودراسة في تاريخ الرياضيات وتارخ العلوم، ومدخل إلى تاريخ العلوم (ثلاثة مجلدات في العلوم والتعليم في القرن الرابع عشر)، وحياة العلوم: مقالات في تاريخ الحضارة، وتاريخ العلوم، والعلوم القديمة في عصر الإغريق الذهبي. 
وبعد وفاته صدر له أيضاً كتابان من تاريخ العلوم: العلوم والثقافة الهيلنستية في القرون الثلاثة الأخيرة قبل الميلاد، ودراسة في تاريخ العلوم الطبيعية، وقد صدر في ألمانيا. 
ويضاف إلى هذه الثروة العلمية الموسوعية المتميزة، نشره أيضاً لمئات المقالات في المجلات، كما أصدر سلسلة بعنوان: إيزيس وأوزريس.
وتكريماً لهذا المستشرق العلامة، صمم المهندس الكهربائي بيرن ديبنر لجمعية تاريخ العلوم ميدالية باسم جورج سارتون عام 1955، تمنحها الجمعية لأبرز العاملين في مجال تاريخ العلوم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©