نظّم مجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة ندوة تحضيرية في العاصمة الموريتانيّة نواكشوط لإطلاق مشروع "المعجم العربيّ الإفريقيّ" بمشاركة خبراء ومتخصّصين في صناعة المعاجم اللّغويّة بهدف اكتشاف وتأصيل العلاقة بين اللّغة العربيّة واللّغات الإفريقيّة التي بقي أكثرها حتى وقت قريب يستخدم الحرف العربيّ في كتابة النّصوص.
وتحدّث في النّدوة التي عقدت برعاية كريمة من صاحب السّموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رئيس مجمع اللّغة العربية بالشّارقة كل من الدكتور الخليل النحوي رئيس مجلس اللّسان العربيّ بموريتانيا والدكتور عبدالله محمد عبدالمالك الأستاذ بالمعهد العالي للدّراسات والبحوث الإسلاميّة وأبو بكر الحاج محمود با رئيس مجلس إدارة معهد ترقية وتدريس اللّغات الوطنيّة والدكتور آبو آمادو با أستاذ التّاريخ بجامعة نواكشوط.
وقال الدكتور امحمد صافي المستغانمي الأمين العامّ لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة في ظلّ التّطوّرات المعاصرة تبرز الحاجة الماسّة للنّظر في جذور لغتنا العربيّة وتأثيرها العميق على اللّغات العالميّة لهذا يعدّ مشروع “المعجم العربيّ الإفريقيّ” الذي نؤسّس له اليوم خطوة مهمّة في هذا السّياق حيث يكشف عن الرّوابط الوثيقة بين العربيّة واللّغات الإفريقيّة ويؤكّد أنّ العربيّة لم تكن يومًا لغة محصورة في حدود جغرافيّة بل كانت ولا تزال مصدر إلهام وتواصل بين حضارات العالم.
وأضاف "يأتي اهتمام صاحب السّموّ حاكم الشارقة باللّغة العربيّة ليعكس رؤية ثاقبة لأهمية اللّغة كركيزة أساسيّة في الحضارة الإنسانيّة فهي بتاريخها العريق وتأثيرها البالغ ساهمت في تشكيل الهُويّة الثّقافيّة للشّعوب الإفريقيّة وما زالت تلعب دورًا محوريًّا في تعزيز التّواصل الحضاريّ بين الأمم ومن هنا فإنّ النّدوة تؤسّس لا لمجرد مرجع لغويّ يضمّ كلماتٍ ومصطلحاتٍ بل لجسر معرفيّ يربط بين الحضارات ويعدّ خارطة تنير دروب المؤرّخين واللّغويّين والأنثروبولوجيّين ويعزّز فهمنا للتّفاعلات الثّقافيّة والحضاريّة التي شكَّلت عالمنا".
وتبادل المشاركون في النّدوة التّحضيريّة لمشروع "المعجم العربيّ الإفريقيّ" وجهات النّظر حول أفضل السّبل لتنظيم المادّة المعجميّة حيث تم طرح عدّة آليّات مثل التّرتيب حسب الحقول الدّلاليّة أو الأبجديّة وكذلك اعتماد معجم الألفاظ وعكست النّقاشات الجهود المبذولة لتعميق الصّلة بين اللّغة العربيّة واللّغات الأفريقيّة مستفيدين من تجارب معجميّة متنوّعة وغنيّة.
وفي سياق متّصل تناول المتحدّثون تجربة تدريس اللّغات الأفريقيّة في المناهج التّعليميّة الموريتانيّة، مشيرين إلى أهمّيّة هذه الخطوة في تكوين جيل جديد من مزدوجي اللّغات الذين يساهمون في إثراء البحوث والدّراسات المتعلّقة بالعلاقة بين اللّغة العربيّة واللّغات الأفريقيّة.
كما بدأ مجلس اللّسان العربيّ في موريتانيا بتطبيق توصيات مؤتمر اللّغة العربية الذي تم تنظيمه مؤخراً في غامبيا وكشف عن تراث أفريقيّ ثريّ استخدم خلاله الأفارقة الحرف العربيّ في التّأليف والتّوثيق والمراسلات على مدى قرون من الزّمن.