فاطمة عطفة (أبوظبي)
جرت مناقشة رواية «أختام المدينة الفاضلة» للأديب المغربي عبد الإله بن عرفة، أول أمس في صالون «الملتقى الأدبي» بحضور مؤسسته أسماء صدّيق المطوع التي قدمت لمحة موجزة عن هذه الرواية أشارت فيها إلى أن الفيلسوف الفارابي أصر على إنشاء مشروعه الفلسفي «المدينة الفاضلة» القائمة على السعادة والأخلاق. ويأتي في سياقات سرد الرواية المتنبي وعوالمه المتخيلة، وكذلك أبو العلاء المعري متحدثاً عن حياته التي عاش فيها رهين محبسين، ويشير المؤلف إلى أن مدينته الفاضلة ظلت في صدره وفي ضميره لا تفارقه.
وتطرح الرواية قضايا قيمية وإنسانية انشغلت بها الأديان والفلسفات منذ فجر التاريخ في ندوة فكرية تاريخية متخيلة جمعت أربعة أعلام كبار في مجلس تخيلي ليناقشوا فيه خصائص المدينة الفاضلة، هذه القضية الكبرى، في زمن يمتد من أفلاطون إلى عصرنا، وهم: الفارابي وأبو الطيب المتنبي وأبو العلاء المعري والترمذي الذي يقوم بإدارة جلسة النقاش بينهم، وكل واحد منهم يستدعي شهوداً لتأييد موقفه، ومن هؤلاء الشهود: طه حسين، وبشارة الخوري، وأحمد شوقي، ونزار قباني، وشكسبير و«المستر بين»، إلى أن يظهر لهم ختم الأختام (ابن العربي) ليحكم بينهم ويكشف لهم عن حقيقة هذه المدينة المتخيلة.
وفي مستهل النقاش المتخيل، أستأذن الفارابي الشاعرين في الكلام لكونه الأكبر سناً، فقال إن السعادة ليست أمراً فردياً، بل هي أمر جماعي، فلا يعقل أن يكون الإنسان سعيداً في مجتمع غير ذلك، لأن الإنسان لا يعيش منفرداً بل هو كائن اجتماعي.
وجاء دور أبي الطيب بالكلام فقال: مدينتي الفاضلة هي مدينة يرأسها الشعراء أصحاب البيان، والقول الأول، والجوهر الفرد، فمهما قال قائل من القدماء، فالشعر أو النظم أسبق منزلة وأعلى مرتبة. وأضاف: كان النظم ولم يكن معه شيء سواه، ومن تلك الشجرة خرج غصن النثر.
وتحدث أبو العلاء قائلاً: مدينتي أيها الأفاضل مدينة لا تتحقق إلا في الآخرة، وهي مدينة أهل الأدب وأهل اللغة، إنها مدينتهم وفيها يتنعمون ويتفاضلون، إنها مدينة فيها سعادة وشقاء، ولكل واحد مقعده في واحد منهما، وقد أُشهدت حقيقتهم فسكنت لغتي رغم أني رهين المحبسين. أنا خاتمة الأدباء الحكماء وأنا ختمهم.