الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد اليانقي.. تشكيل يستعيد عبق الأندلس

من خزفيات محمد اليانقي (من المصدر)
8 يناير 2024 00:45

ساسي جبيل (تونس)
انتظم معرض للفنان التشكيلي التونسي محمد اليانقي في معهد الفنون الجميلة بصفاقس، وهو نحات وتشكيلي من رواد الحركة الفنية التونسية الأوائل، وقد تحصل على دبلوم الفنون الجميلة بتونس -اختصاص خزف سنة 1971، والتحق بمدرسة الفنون الجميلة ببرشلونة بإسبانيا، وشارك في العديد من المعارض الجماعية بتونس وخارجها.
وتتميز الأعمال الخزفيّة والفنية للفنان محمد اليانقي بقيمتها الجماليّة والتقنية والفكريّة، حيث يسعى دوماً نحو الاكتشاف والتجريب، ويوظف الضوابط الأكاديمية والبحث الفكري الذاتي. ويحاول الفنان، من خلال تجربته التي تمتد لعقود، اقتراح أنماط وأساليب من الصياغات الفنية أكسبته هوية وطابعاً فنياً خاصاً به، كانت في معظمها نتاج حالة مزدوجة من التأثير في الطبيعة والتأثر بها وبموادها التي رسمت معالم الخزف التونسي التقليدي.

وعُرف هذا الفنّان ضمن مجموعة من المبدعين التونسيّين الذين درسوا بمدرسة الفنون الجميلة بتونس، ثمّ سجلوا حضوراً بارزاً في برشلونة، عاصمة فنّ الخزف في أوروبا، انطلاقاً من معهد «ماسانا»، ومنهم الهاشمي الجمل ورضا بن عرب، وضمن فريق روّاد التّحديث في هذا الاختصاص كذلك خالد بن سليمان وشنيار عبدالله وطارق إبراهيم.
ويؤكد الناقد التونسي خليل قويعة، أن منظومة العلامات في أعمال اليانقي تشمل ما هو غرافيكي، بالإضافة إلى العناصر التكوينيّة المستفادة من العلامة المعماريّة (التونسيّة والأندلسيّة خاصّة) تلك التي تتجاور وتتراكب في أشكال إيقاعيّة تثير الحركة ولكنها تتآلف ضمن تأليف شكلي هو أساس البنية الخزفيّة الغائرة والنّاتئة وأساس الفضاء التشكيلي عامّة. كما أنّها مستفادة كذلك من اللّمسة، التي تبدو عفوية، ولكنّها مدروسة. وأمّا الحروف والتشكيلات الخطيّة وخاصّة بالخط الكوفي القيرواني والأندلسي، فهي علامات ثاوية في خزفيّات اليانقي منذ بواكير تجربته. وهكذا تجتمع في أعمال الفنّان خبرات فنيّة وصنائع مختلفة وهي الخِطاطة والرِّسَامة فضلاً عن الخِزافة. 
وعلى رغم البحوث التي أجراها في إسبانيا حول المركّبات الكيميائيّة للألوان الخزفيّة، التي أثبت من خلالها أنّ الألوان تختلف بحسب كمّيات الأكاسيد المعدنيّة المستعملة وخاصّة النّحاس والكوبَلت، إلا أنّ للنّار أيضاً لزوميّاتها في طريق الحصول على الفروقات اللّونيّة وتوجيهها قدر الإمكان من خلال احتساب درجة حرارة الفرن ونسبة الأكسجين. فيما يؤكّد الرّهان الجمالي أن الفنّ ليس في الفرن، بل في حساسيّة الفنّان التي تصبح فعلاً بين أنامله، منذ فركه للطين وصولاً إلى تحسّس نعومة الطّلاء وتمرير اليد على جسم الخزفيّة قبل عرضها. 
ويرى اليانقي أن أنامل الفنّان ينبض بينهما العالم من جديد ويصبح التّراب والطين وجداناً إنسانيّاً يفيض بين أرجاء المعرض.  
ومن خلال أعمال اليانقي تطالعنا المفردات بمدى استعادة الفنان لعبق الأندلس وطليطلة وإشبيلية وقرطبة، لوناً وخطّاً وعلامات معماريّة. إذ اللّون صناعة وذاكرة ثقافيّة، وهو أيضاً علامة مميزة في مسار التشكيل الفنّي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©