محمد عبدالسميع (الشارقة)
حملت مفردة الضوء العديد من التجليات الفنية للمشاركين في مهرجان الشارقة للفنون الإسلامية، ومن هذه التجليات اعتماد الفنانة والمصممة الكويتية فرح بهبهاني في عملها ثيمة الضوء/ النور، كمفهوم عريق في الثقافة الإسلامية.
وعلاوةً على عمق مفهوم النور في المواضيع الإسلامية المتخصصة والثقافيّة، وتحديداً في النص والموروث الديني، فقد استطاعت بهبهاني أن تجعله يخترق كل الجدر أو «الحجب»، ليصل إلى النفوس وفق تجهيزٍ فني مشغول بالفكرة الأصيلة اللافتة. وكنقيضٍ للنور، كان الظلام مغايراً، لتنفيذ الفكرة الفنية، حيث تلازم المفهومان معاً لتجسيد رؤية فنية في تأكيد التغلغل النوراني في رحلةٍ ينتقل خلالها الحضور والزوار من الظلام إلى النور.
واعتمدت بهبهاني في عملها على مشاركة الجمهور في استكشاف الفكرة، عبر سبع طبقات مطرزة يدوياً بالخط الكوفي المربع بآيات من القرآن الكريم توهجت فيها العبارة القرآنية «نور على نور»، ليسير الزائر من خلال هذه العتبة إلى عتبات أخرى من الطبقات التي حملت كل طبقة منها آيةً كريمةً تحتفي بالنور. ونهضت كلّ آيةٍ من هذه الآيات بالمحمول الفكري وجوّ نزول الآية الكريمة، في التقائها جميعاً على مفهوم «النور» ومخاطبة مستويات عديدة من التلقي.
واعتمدت الفنانة بهبهاني في عملها على تركيب «الحُجب» أو الطبقات ذات النقش، لتأكيد فكرة النفاذ النوراني إلى هذه الطبقات، من خلال إضاءة «بروجكتر» تنفذ إلى المزيد منها، لنكون أخيراً مع طبقة واحدة يعمها النور.
وفي العمل، استلهمت الفنانة فكرة رسالة الغزالي «مشكاة الأنوار»، كما جاء الجوّ المساند لهذا العمل ليكون الزوار أمام رحلةٍ روحيّة عميقة.
وهدفت بهبهاني إلى تأكيد مصدر النور الأبدي من خلال ضوء اللوحة المركزية في العمل، لتجتمع في هذا التجهيز الفني الإضاءة والصوت المؤثر والآيات المكتوبة والحجب التي تمثّل لدى الفنانة أرضيةً صالحةً لنشر الفكرة والاشتغال على المفهوم الفكري لتناقض الفكرتين: النور والظلام.