الرباط (الاتحاد)
على هامش مشاركة بيت الحكمة في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب الذي اختتمت فعالياته في الدار البيضاء بالمغرب مؤخراً، زارت مروة العقروبي، المديرة التنفيذية لبيت الحكمة، منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) في مقرها الرئيسي بالعاصمة المغربية الرباط، لبحث مجالات التعاون بين المؤسستين اللتين تتشاركان الاهتمام بالعمل الثقافي والمعرفي، وإمكانية استضافة بيت الحكمة لبعض المعارض والورش التدريبية.
وتهدف منظمة «الإيسيسكو»، التي تأسست عام 1982، إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء البالغ عددها (54) دولة في مجالات التعليم والعلوم والثقافة والاتصال، وتشجيع التنوع والحوار والتفاهم بين الشعوب المختلفة في إطار مساهمتها في تحقيق السلام والأمن العالميين. ويقع المقر الإقليمي للمنظمة في الشارقة، تقديراً للمكانة الرائدة للإمارة في نشر اللغة والثقافة العربية والإسلامية، ودورها في إثراء الحوار العالمي بين الشعوب.
ورحب الدكتور عبدالإله بنعرفة، نائب المدير العام لمنظمة «الإيسيسكو»، بحضور الدكتور محمد زين العابدين، رئيس قطاع الثقافة والاتصال بالمنظمة، بالمديرة التنفيذية لبيت الحكمة والوفد المرافق لها، وأكد على أهمية تطوير التعاون المشترك بين الجانبين، خاصة في مجال اللغة العربية والقضايا الثقافية، مشيراً إلى حرص «الإيسيسكو» على مواصلة تعزيز علاقات التعاون مع الجهات المعنية بالعمل الثقافي في الدول الأعضاء.
واصطحب الدكتور بنعرفة وفد بيت الحكمة في جولة بالمعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية، الذي تستضيفه «الإيسيسكو» حالياً، حيث تعرّف أعضاء الوفد على أقسام المعرض ومقتنياته والتحف النادرة التي يعرضها، واطلعوا على مجسمات للمنبر النبوي والحجرة النبوية الشريفة، ومخطوطات ورقية وأخرى رقمية للمصحف الشريف، وكذلك مجسم للكعبة المشرفة ومجسم تقريبي لمكة المكرمة كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ونموذج للدرع التي ارتداها النبي في غزوة أُحُد.
وأعربت مروة العقروبي عن سعادتها بزيارة هذه المنظمة الرائدة في العمل الثقافي، التي اختارت الشارقة لمقرها الإقليمي تقديراً منها للمشروع الثقافي والحضاري الذي تتبناه الإمارة بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. وأشارت إلى أن المنظمة تتشارك ذات الاهتمامات التي تحظى بأولوية بيت الحكمة، وفي مقدمتها العمل الثقافي والمعرفي والفني، الذي يقرّب بين الشعوب، ويثري الحضارات، ويعزز التواصل الإنساني.
ومن جانب آخر، زارت مروة العقروبي، خزانة القرويين (مكتبة جامع القرويين) بمدينة فاس، التي يرجع تاريخ إنشائها إلى منتصف القرن الثامن الهجري، وتضم آلاف المخطوطات النادرة، في مختلف فروع المعرفة، حيث اطلعت على مختلف أقسام المكتبة التي كانت قبل عدة قرون أول جامعة في العالم، وزارت قسم الترميم الذي يعتبر من أكثر المراكز حرفية ومهارة وقدرة في التعامل مع نفائس الكتب ونوادر المخطوطات وإصلاحها وإعادتها إلى أصلها الأول.
وأكدت المديرة التنفيذية لبيت الحكمة على أهمية الدور الذي تلعبه المكتبات العريقة في التنوير وتوفير الزاد المعرفي والفكري للطلاب والباحثين، وأشادت بأهمية جامعة القرويين في نشر العلم والمعرفة بالمغرب العربي والعالم الإسلامي على مدار سبعة قرون، وعبّرت عن إعجابها بحسن حفظ المخطوطات، وتنظيمها، وترتيبها، والعناية بها، والتي يتكامل دورها مع دور جامع القرويين في بناء فكر الإنسان، الروحي والمعرفي، كي يكون مفيداً لنفسه ومجتمعه.
وبحثت العقروبي مع القائمين على المكتبة إمكانية استضافة بيت الحكمة لمعارض لبعض المخطوطات التي تتضمنها خزانة القرويين، أو نسخ طبق الأصل منها، إلى جانب إمكانية وضع بعض المخطوطات على الشبكة الرقمية لبيت الحكمة من أجل تمكين عدد أكبر من الباحثين والمتخصصين من الاستفادة منها، وكذلك التعاون في مجال تنظيم ورش تدريبية احترافية حول ترميم المخطوطات والكتب القديمة في إمارة الشارقة.
وتحتوي خزانة القرويين على عدد كبير من نفائس المخطوطات التي لا توجد في أي مكان من العالم، من أبرزها مخطوطة للفيلسوف والطبيب ابن طفيل معروفة بـ«الأرجوزة الطبية» تعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي، وهي عبارة عن 7000 آلاف بيت شعري، يتطرق فيها ابن طفيل إلى مختلف الأمراض التي كانت معروفة في عصره وأعراضها وطرق ووسائل علاجها، وكذلك مخطوط «كتاب العبر»، الذي يعتبر كتاب «مقدمة ابن خلدون» الشهير، بمثابة مقدمة له، والذي صنّفته منظمة «اليونسكو» عام 2011، ضمن التراث العالمي للإنسانية، في إطار برنامجها «ذاكرة العالم».