أبوظبي (الاتحاد)
كان الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي موضوع أمسية أدبية نظمتها مؤسسة «بحر الثقافة»، تحت عنوان: «حداثة أبي القاسم الشابي» تحدث فيها الباحث والمترجم د. محمد آيت ميهوب عن هذا الشاعر المجدد.
وبدأ د. ميهوب حديثه بتقديم لمحة من حياة الشاعر ونشأته في بيئة محبة للعلم والثقافة، بدءاً من البيت إلى جامع الزيتونة الذي كان مركزاً مهماً للتعليم وتحصيل الثقافة والتراث. وأشار إلى أن الشاعر الشابي ما زال حياً بيننا طبعاً بشعره الذي تتوارثه الأجيال، وتساءل: ما السر الذي يجعل الشابي حياً بيننا؟ وهناك شعراء كثر لكن لم يملأ أحد مكانه!
وتابع د. ميهوب حديثه قائلاً: إن الشابي كان يدعو إلى التجديد، ولكنه عندما يعود إلى قريته نجده يندمج مع الناس. أما الحداثة في شعر الشابي، فهي ليست بمفهوم الحداثة الزمنية ولا الحداثة بالمعنى الشكلاني، بل الحداثة بالمعنى الشعري لأن الحداثة تكون بالتجديد الدائم، مشيراً إلى أن شهرة الشابي تكمن في أنه أول شاعر تونسي يعرفه المشارقة، وكان ينشر في مجلة «أبولو» التي يرأس تحريرها الشاعر أحمد زكي أبوشادي.
وقال د. ميهوبي إنه إذا كان لا بد من العودة إلى النص الشعري عند الشابي، فإن فيه كثيراً من الثنائيات: الحياة والموت، الأمل واليأس، وكان الشاعر يعاني من مرض القلب ويوم أحس بدنو أجله أعد ديوانه «أغاني الحياة» وهذا الديوان نشر بعد وفاته، وقد اكتشفت بعض القصائد المجهولة التي لم تنشر في حياته، ولا أدري لماذا أبعدها الشابي! وتأتي هذه القصائد في المرحلة الثانية من عمره من 29 إلى 34، وفي هذه القصائد يبدو التصاق الشاعر مع التجربة الروحية والصوفية عنده. ورأى د. ميهوب أن شعر الشابي يتألف من مرحلتين، في الأولى كانت بنية النص تقليدية لم يستطع أن يغادرها وسنه الصغير لم يسمح له بأن يكون لشعره صدى الذات. والمرحلة الثانية كانت أعمق فكراً وبنية جمالية، مبيناً أن المرحلتين لم تنفصلا، وإن كان الشاعر لم يدرس الفلسفة ولكن الفلسفة تسربت إليه من قراءته وإعجابه بالعقاد والمازني. وأشار إلى التجديد في شعره وحضور الذات عنده وتأثير جبران وإيليا أبي ماضي ونسيب عريضة. وأكد أن الشابي أراد أن يكون هو ذاته في شعره، وأن يجعل شعره بيتاً لذاته. ولذا كان حضور الذات في النص، فلغته لغة إيحائية استخدم فيها التركيز البسيط.
وتساءل د. ميهوب لماذا ما زلنا نستمع إلى شعر الشابي؟ ربما لأنه مثل لحظة قطيعة شعرية ملهمة بين ثنائي البناء والهدم، فأخذ من القديم ونسج للجديد، كما أن رسائله كانت وسيلة للتواصل مع الآخرين، وكان يكتب بشكل يومي هذه الرسائل التي جمعها محمد الحليوي.