ساسي جبيل (تونس)
تحتفل الأوساط الثقافية الناطقة بالإسبانية في العالم، هذا العام، بمرور خمسين سنة على رحيل شاعر التشيلي والحرية بابلو نيرودا، ومئة عام على صدور أشهر دواوينه (عشرونَ قصيدةَ حُبٍّ وأُغنيةُ يأسٍ واحدةٍ)، وبهذه المناسبة صدر الكتاب باللغة العربية عن (منشورات تكوين) الكويتية و(دار الرافدين) العراقية، عن ترجمة وتقديم ورسوم د. محسن الرملي الكاتب والمترجم والأكاديمي العراقي الإسباني.
وبابلو نيرودا، (1904- 1973م، تشيلي)، هو واحد من أهم وأشهر الشعراء في العالم، وكان له دور كبير ومؤثر في الميدانين الثقافي والسياسي في القرن العشرين، تحصل على جائزة نوبل للآداب سنة 1971. له أكثر من خمسين إصداراً متنوعاً في الأدب والسياسة والصحافة والمذكرات، التي توجها بسيرته (أعترِف بأنني قد عِشت)، وأشهر كتبه الشعرية (عشرون قصيدة حُب وأغنية يأس واحدة)، وهو أكثر ديوان شعري باللغة الإسبانية تمت إعادة طباعته ونشره وترجمته.
يضم الديوان 21 قصيدة، محورها الحُب بتنوعات مشاعره وانفعالاته، وقد أضاف إليها المترجم مُلحقاً بقصائد أخرى من المرحلة الشعرية والعمرية ذاتها لنيرودا، لم ينشرها في حياته، إلى جانب مقدمة تعريفية وافية بالديوان وبالشاعر. وكتب الرملي في تقديمه للكتاب: كان هذا أول كتاب قرأته كاملًا باللغة الإسبانية، عندما كنتُ أدرُسها في جامعة بغداد، مطلعَ ثمانينيات القرن الماضي. أعجبني حينها بشدَّة، دون أن أعرف الأسباب بالضبط، وبقيتُ -حتى اليوم- أعيد قراءته بين حين وآخر، إذْ تراكمت لدي الكثير من نُسخه، حيثُ اقتنيتُ بعضَها لجمال طبعتها أو لقِدمِها، وأُخرى حصلتُ عليها كهدايا. ولربما يكون هذا الكتاب أكثر ديوان شعري، باللغة الإسبانية، أُعيدَ نشره وطباعته وترجمته وإهداؤه، وبيعه كذلك، رغم توفره مجاناً على شبكة الإنترنت. تشير بعض التقديرات إلى أن مبيعاته قد فاقتْ الأربعين مليون نسخة، وتحوَّلت أغلبُ قصائده إلى أغانٍ، وأبياته إلى أمثال وأقوال خالدة. لقد كان هذا النجاح الهائل مُلفتاً، منذ البداية، بحيث أنه باع أكثر من مليوني نسخة في حياة شاعره نيرودا، وهو العمل الذي أسس لصُنع مجدِ اسمه الأدبي، وصولاً إلى نيله جائزة نوبل للآداب عام 1971، علماً أنه كان قد كتبه ونشره مبكراً، في العشرين من عمره، حين كان يتلمس طريقه الشعري.
وخلص الرملي في مقدمته إلى القول: «يمكن وصف هذا الديوان بأنه ضمن ذروة الشِعرية وبأنه (مضبوط) من حيث كونه المَقال المناسب في المَقام المناسب تماماً، ولا يمكن كتابة ديوان مثله إلاَّ في عمر كهذا، وفي مرحلة وظرف كهذينِ، فقد كُتِب بالشكل والوقت المناسبين. كان الشِعر حينها لا تزالُ فيه تقليدية رومانسية، وثمة بدايات للحداثة والطليعية، وهو يقدم نفسه كشاعرٍ حديث، دون التخلي عن سِمات جوهرية في الشِعر التقليدي».