السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«ديواني» لهشام المظلوم يفوز بجائزتين دوليتين

مبنى «ديواني» يجسد تلازم وتناغم فن الخط وفن العمارة (من المصدر)
6 أكتوبر 2023 01:25

الشارقة (الاتحاد)
نال مبنى «ديواني» لمالكه المصمم الإماراتي هشام المظلوم في الشارقة جائزتين مرموقتين على مستوى العالم، وجاءت الجائزة الأولى وبتصويت عالمي لأفضل تصميم عمارة معاصرة وتعرف باسم جائزة لوب للتصميم Loop Design Awards وجاءت الجائزة الأخرى وبتصويت عالمي متصدراً المركز الأول لأفضل تصوير فوتوغرافي لمبنى معاصر وتعرف باسم جائزة «رؤية أرجايز» Vision Architizer المختصة بالتصوير المعماري بالولايات المتحدة الأميركية بعد أن تم تطبيق فكرة مزج فن الخط العربي بتصميم العمارة المعاصرة من قبل مالك «ديواني» هشام المظلوم. وأهدى هشام المظلوم الفوز إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، راعي وداعم الحركة التشكيلية والفنية، ولدور سموه والشارقة في الحفاظ وإبراز الثقافة والفنون العربية والإسلامية.

عمارة الحرف
وقال المصمم هشام المظلوم: مشروع المبنى «ديواني» هو عمارة الحرف وهو أول مبنى في العالم يتم بناؤه على هذا الشكل، فكل البناء كان مدروساً بعناية كبيرة لإبراز ناحية مهمة، وهي تلازم فني العمارة وفن الخط، فتمت مراعاة كل تفصيلة في البناء، وفيه تبدو العلاقة بين المبنى والخط تبادلية ومتناغمة بحيث أصبح المبنى من حروف وأصبحت الحروف مبنى.

ويتابع المظلوم: كان معي أخي الفنان خالد الساعي منذ الانطلاقة الأولى للمبادرة إلى أن تحقق الإنجاز بما يملكه من معرفة كبيرة وأفكار مختلفة ساهمت معي في حواراتنا ودراساتنا لتكوين هذا الصرح المتكامل من البوابة الخارجية إلى أدق تفاصيله، وكان يتجلى هذا التماهي بين الحرف والمبنى، فكان نموذجاً يختصر مسيرة وتاريخ فن الخط بكل حيثياته، من حيث استعمال كل أنواع الخط، ولكن كل نوع ضمن وظيفته وهدفه من الخطوط القديمة، كالثلث والنسخ والإجازة والديواني والجلي ديواني والكوفي بأنواعه والخط المغربي إلى الخطوط المعاصرة من الخط السنبلي والحر الجمالي، وأيضاً تم استخدام كل التقانات الممكنة من القديمة إلى المعاصرة، أضف إلى ذلك استخدام كل مدارس الخط على مر الزمان، مثلاً نرى قطعة من الخط المسند محفورة على الصخر في حديقة المبنى، ونرى الخط الكوفي المعماري المربع، ويشكل الكتلة العلوية للمبنى ونصها من القرآن الكريم (رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين) والتي تحقق فكرة المبنى في العمق، حيث الحرف العربي هو منزل للغة القرآن الكريم لغة الضاد.
والواجهة الرئيسة للمبنى «ديواني» فهي المحور الرئيس للتعريف بهذا المشروع وهي مخطوطة بالخط الكوفي المربع للآية القرآنية «وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين» والتي خطها الخطاط زهير عفانة من الأردن مع بدايات المشروع ونفذت بإحدى الدول العربية على 80 قطعة حجر مصمتة بسماكة 10 سم مربع، وتم جلبها من الخارج منفردة لتشكل هذه الآية الكريمة التي تمت إعادة تركيبها بالشارقة وبمقاس ارتفاع 3 أمتار وعرض 25 متراً طولياً، إلا أنها في الوقت نفسه تمثل «المشربية» في فن العمارة الإسلامية القديمة، كاستخدام وكشكل، بالإضافة إلى الزهو والجمال الذي تضفيه منقوشة الآية في الفترة المسائية باستخدام الخلفيات اللونية من الإضاءة، التي تعطيها رونقاً معيناً كل ذات حسب موضوعها أو استخدامها مثلاً، في المناسبات بالأعياد الوطنية أو يوم العلم ويوم الشهيد أو بمناسبات وطنية وعالمية أخرى يتم فيها استخدام ألوان معينة على المباني المميزة.

200 عمل إبداعي
والمبنى «ديواني» يحتوي بداخله على مجموعة مميزة من الأعمال التاريخية تصل إلى 200 عمل إبداعي لرواد الخط العربي والفنانين على مر الزمان لأكثر من 85 خطاطاً وفناناً، وتمثل المدارس كافة: من المدرسة العثمانية والمدرسة العراقية والمدرسة المصرية ومن بقية المدارس كافة، وقد كانت للخطاطين المعاصرين أيضاً مساهمة كبيرة. كما يضم «ديواني» عملاً بخط الديواني الجلي للخطاط مهند الساعي، وهذا العمل يعتبر من أطول اللوحات في هذا الخط، هذا على سبيل المثال لا أكثر.

المدرسة الحروفية
هذا على صعيد الخط التقليدي، أما على صعيد المدرسة الحروفية، فيكشف المصمم هشام المظلوم أنها أخذت فقط حيزاً كبيراً واستثنائياً، ولعلها إحدى العلامات الفارقة والمميزة للمبنى «ديواني»، وهي تنفيذ عدد من الجداريات بتقنية الفسيفساء على جدران المبنى الداخلية، وعمل في خارج المبنى، حيث جدارية «الحروفي الكبير» للخطاط نجا المهداوي والتي تبدو كموسيقى بصرية تجريدية، وجدارية الفنان عبدالقادر الريس التي تحمل إشارات حرف الثلث وحرف الهاء، ثم جدارية ضياء العزاوي وفيها الحرف والعلامة والرمز، وجدارية خالد الساعي عن فكرة بستان هشام بن عبدالملك، بستان المعرفة والفن، وجدارية محمد نباتي وفيها الشعر والرسم يتناغمان بشكل جميل، وجدارية الفنان الجرافيتي «السيد» وهي تزين حوض «ديواني» خارجياً بألوان زاهية صادحة.
ومن الأعمال الضخمة القماشية ضم «ديواني» عملاً لمحمد العجلان من السعودية يتغنى فيه بالشارقة عاصمة الثقافة والفن في العالم العربي، وعملاً مميزاً للخطاط الإماراتي حسين الهاشمي، كما تم تكليف العديد من الفنانين من العالم بأعمال فنية خاصة تتناسب مع حيز مدروس في المبنى «ديواني»، وبالتالي أصبح التناغم مذهلاً بين القديم والجديد التقليدي والمعاصر والعمل التطبيقي والتشكيلي.
وثمَّن المظلوم دور الاستشاري المهندس الإماراتي عبدالله الشامسي في تصميمه المعماري للمبنى وترجمته أفكار وابتكار مالك «ديواني» في إيجاد العلاقة المشتركة فيما بين العمارة المعاصرة والخط العربي والحرف أيضاً بالشكل المعاصر للمبنى بالشكل المباشر، كما هو محفور ومنقوش على المبنى بكل زواياه، ومباركاً دور الشامسي في إيجاده العلاقة المشتركة الإبداعية والجمالية في ترجمة هذه الأفكار والخطوط والحروف العربية مع المعايشة والاستخدام اليومي للمبنى «ديواني» من خلال الأفراد والحياة في المبنى، كما ثمن المظلوم دور المصور الفوتوغرافي المبدع شعيب خطاب الذي أسهم بعدسته المبدعة في نقل إبداعات «ديواني» للمسابقة العالمية.

معجم مكثف
ويشير المصمم المظلوم إلى أن «ديواني» يمثل معجماً مكثفاً وتاريخياً للخط العربي بكل استخداماته، حيث تجد المخطوط الصغير والمصحف والمرقعات والفرمانات بشقيها التقليدي، والمعاصر، وتجد العمل الفني العريق لقطعة من «كسوة الكعبة»، وقد تم تنفيذها بشكل غاية في الاحتراف، وهناك أعمال على العاج وأخرى منحوتة على الخشب وعلى الجلسات والستائر والشبابيك والزجاج، ويكفينا عند مقبض باب دخول «ديواني» أن نجد عمل «البسملة» العبقري لأحمد القرة حصاري، و«خطوط» نظيف وسامي بيك وأحمد الكامل وأبجدية وتشريحات ابن مقلة و«بسملة» راقم أفندي على شكل طائر وأعمال خضير البورسعيدي وعصام عبدالفتاح وجمال الكباسي، وخطوط وتصاميم بالخط المغربي.ويتابع المظلوم: باختصار «ديواني» هو وثيقة حية موسوعية لفن الخط وليس فقط لفن الخط العربي بل لشتى أنواع خطوط الأمم الأخرى، فالخط ممارسة فنية وثقافية واجتماعية، وبالتالي تعكس حضارة بكاملها، كل ذلك يتجلى في «ديواني».
ويضيف المظلوم: «ديواني» كلمة تنطوي على دلالة متعددة المعاني، فهو الديوان والديوانية والمجلس الذي ترتاح به وتجد السكينة وأنت تتأمل جمال الحروف وهي ترتدي كل حلل الجمال الممكنة، و«ديواني» هو اسم لأحد أنواع الخط العربي، ولكن الأجمل أن من ينطق اسم المبنى «ديواني» يصبح هذا المبنى مكانه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©