أبوظبي (الاتحاد)
تنظم دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي فعاليات الدورة السادسة من القمة الثقافية أبوظبي في منارة السعديات تحت شعار «مسألة وقت» خلال الفترة من 29 إلى 31 أكتوبر الجاري، وذلك لاستكشاف تغيير علاقتنا مع الوقت وكيف يمكن للثقافة أن تبدل مفهوم العالم للوقت. وتجمع هذه الدورة نخبة من أبرز القادة في الثقافة والفن والإعلام والسياسة والتكنولوجيا من أكثر من 90 دولة، في جلسات تتناول كيفية تحويل الوقت من الطابع الميكانيكي الذي يُميّزه في عصرنا الحالي، إلى طابع ثقافي جديد.
حوارات إبداعية
وتستكشف جلسات القمة الحوارية تأثير تغيير علاقتنا مع الوقت على طريقة إنتاج الثقافة وتلقيها واستهلاكها، بالإضافة إلى دور الثقافة -التي غالباً ما تجمع الماضي والحاضر والمستقبل- في مساعدتنا على اجتياز لحظة التغير الحاسمة هذه في طريقة تعاملنا مع الوقت. ويحفل برنامج القمة هذا العام بجدول أعمال يتضمن عدداً من الكلمات الرئيسية، والجلسات الحوارية، والمحاضرات ومحادثات الفنانين، وورش العمل، والحوارات الإبداعية، وجلسات مخصصة للنقاش حول السياسات، والعروض الثقافية، ومعرض للفنون المرئية، يقدمها نخبة من المشاركين من القادة الثقافيين والفنانين وصناع القرار والباحثين والمفكرين والتربويين والمبدعين لدراسة هذه القضايا المعاصرة الملحة. وتطمح القمة في دورتها هذا العام إلى إيجاد طرق جديدة يمكن للثقافة من خلالها تغيير المجتمعات حول العالم، ومن ثم تحويلها إلى حلول فعلية وواقع ملموس.
حجر الزاوية
وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: «ضمن أهدافها الاستراتيجية التي أطلقت لأجلها، تعود القمة الثقافية في دورتها السادسة لمعالجة القضايا الملحة التي تؤثر على ميدان الثقافة، مستكشفة من خلال آراء نخبة المفكرين وصناع القرار والمبدعين دور الثقافة في تغيير سرعة إيقاع العالم من خلال تسليط الضوء على علاقتنا مع الوقت.
ومع جهودنا لمواكبة تطورات العصر الحالي، لا يسعنا إلا أن نسأل أنفسنا كيف تغيرت علاقتنا مع الوقت وما تأثير ذلك على طريقة إنتاجنا للثقافة واستهلاكها؟ ونحن إذ نُرحب بالمفكرين وصناع القرار من حول العالم، نؤكد أنّ القمة الثقافية أبوظبي بمثابة حجر الزاوية في برنامج ثقافي تم تنظيمه لتحفيز الإبداع والابتكار، بما يُسهم في دعم وبناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة». ويتناول برنامج القمة موضوعاً فرعياً معيناً كل يوم يرتبط بتطور علاقتنا بالوقت، ومناقشة التحديات التي يفرضها هذا التطور على القطاعات الثقافية والإبداعية وتقديم حلول عملية موجهة لتجاوزها.
وتركز جلسات وفعاليات اليوم الأول بعنوان «تذكر الأوقات» (مرور الوقت)، حول طريقة فهمنا لمسار الوقت في عصر نشهد فيه تقلباً سريعاً لأنظار واهتمامات الجميع، في حين تُسجل جميع الأحداث وتوثق إلى الأبد. وتتجلى هنا أهمية دور الثقافة في تكوين الذكريات الجماعية، ويطرح السؤال: هل يمكننا التوفيق بين الماضي والحاضر والمستقبل لوضع أسس مشتركة منتجة جديدة؟ وما هي بدائل المفهوم الخطي للوقت التي يمكننا استخدامها لإعادة تصوّر علاقة أكثر استدامة مع الوقت؟
ويُسلّط اليوم الثاني بعنوان «وقت التصرف» (اغتنام اللحظة) الضوء على انتشار «ثقافة السرعة» التي تُلغي تدريجياً التفكير النقدي وقدرتنا على التعامل مع التعقيدات، مما يسبب اضطرابات كبيرة في كيفية إنتاج الثقافة وتلقيها واستهلاكها. وفي هذا السياق، ستدعو القمة في يومها الثاني المتحدثين والحضور لاستكشاف قدرات الثقافة والمجالات الإبداعية في مساعدتنا على إبطاء تلك السرعة والتغلب على حالة انعدام اليقين وتجاوز التعقيدات بسهولة وفاعلية أكبر.
وفي اليوم الثالث تناقش القمة موضوع «وقت المشاركة» (الوقت الذي لا ينتهي) مع تزايد ضبابية المستقبل وسط تقلبات عصرنا وتعقيداته، حيث تتنامى أهمية تعاون العالم لمعالجة التحديات المشتركة طويلة الأجل، مثل حالة الطوارئ المناخية والأزمات المرتبطة بها. وكيف يمكن للوقت أن يشكل ساحة تجمع الناس وتوفق بين البشر والطبيعة؟ كما يستعرض اليوم الثالث ما يمكن للثقافة أن تقدمه في ضوء بروز آفاق جديدة طويلة الأجل من خلال طرح مفهوم «الزمن العميق»، والدعوة إلى ترك إرث صالح للأجيال القادمة. وسيدعو هذا الموضوع الفرعي أيضاً إلى التفكير في دور الاستجابة لتحدي التغير المناخي حول العالم، والحاجة إلى ردم الفجوة بين الأجيال.
حلول جديدة
وقال إرنستو أتون راميرز، مساعد المدير العام للثقافة في منظمة اليونسكو: «يشكل عام 2023 محطة استثنائية لقطاع الثقافة. ففي ظل المساعي الدؤوبة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، سيحظى الفنانون والمهنيون الثقافيون بفرصة لتقديم حلول جديدة تساعد في سد الفجوات الموجودة. فقد حان وقت العمل لجعل الثقافة هدفاً قائماً بحد ذاته في خطة التنمية العالمية لعام 2030 وما بعدها».
بدوره، قال كينيث كوكير، نائب المحرر التنفيذي في مجلة «إيكونومست»: «في ضوء التقدم الذي يسجله الذكاء الاصطناعي، تقف الثقافة كأداة حاسمة للتعبير عن قيمنا الإنسانية ومصيرنا المشترك. وتتشرف ‘إيكونومست إمباكت’ بالمشاركة في القمة الثقافية السنوية في أبوظبي، للاحتفاء بقوة السرد في توجيه هوياتنا الفردية والجماعية نحو التقدم وبلوغ الأهداف».
توجهات مستقبلية
وعلّق تيم مارلو، الرئيس التنفيذي ومدير متحف التصميم: «رسّخت القمة الثقافية أبوظبي مكانتها خلال فترة وجيزة كمنصة مهمة تلتقي فيها المجتمعات الثقافية من مختلف أنحاء العالم. ويبدو هذا العام مناسباً من جميع النواحي، ونحن في ‘متحف التصميم’ متحمسون لهذه الفرصة التي تفتح باب الحوار بين المهندسين المعماريين والمصممين والراقصين ومصممي الرقصات والفنانين والفلاسفة وعلماء المستقبل والكتّاب والمنسقين الفنيين لاستكشاف موقعنا وتوجهاتنا المستقبلية».
علاقة وثيقة
من جهته، قال أنطوني نقاش، المدير العام التنفيذي لشركة غوغل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «يسعدنا أن نواصل شراكتنا مع دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي في قمتها الثقافية السادسة لنبحث الدور الذي يمكن فيه لمنتجاتنا الرقمية دعم قطاعي الثقافة والسفر محلياً ودولياً. وقد حرصنا على تمكين الثقافة والتراث العريقين لدولة الإمارات من خلال منتجات مثل تطبيق «Google Maps» ومنصة «Google Arts and Culture» وموقع «You Tube»، ونحن ملتزمون بمواصلة هذا النهج».
وقال ريتشارد أرمسترونغ، مدير مؤسسة ومتحف سولومون آر جوجنهايم: «طوّر متحف جوجنهايم علاقة وثيقة مع دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي وجماهير أبوظبي على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية. وتستقطب القمة الثقافية أبوظبي اليوم أكثر المفكرين والصنّاع إبداعاً في حوارات تستكشف مستقبلنا المشترك والواعد».
حدث استثنائي
وقال هارفي ماسون جونيور، الرئيس التنفيذي لدى الأكاديمية الوطنية لتسجيل الفنون والعلوم، وبانوس إيه باناي، رئيس الأكاديمية الوطنية لتسجيل الفنون والعلوم: «يسعدنا التعاون مع القمة الثقافية أبوظبي التي تعتبر حدثاً استثنائياً ومنصة مثالية لتبادل المعرفة والأفكار. وفي ضوء الدور الذي تمارسه الموسيقى والتعبير الإبداعي في تشكيل سلوك وعاطفة البشر، نتطلع إلى التعاون مع القادة العالميين لنستكشف معاً كيف يمكن للثقافة تغيير إيقاع العالم».وتشكل القمة منتدى سنوياً استثنائياً لتبادل المعرفة والحوار وتطوير السياسات، وتنظمها دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي بالتعاون مع عدد من الشركاء العالميين، من أبرزهم، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ومتحف ومؤسسة سولومون آر جوجنهايم، وإيكونومست إمباكت، ومتحف التصميم في لندن، وغوغل، والأكاديمية الوطنية لتسجيل الفنون والعلوم (Recording Academy)، إلى جانب عدد من الشركاء الآخرين، من أبرزهم، أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، معهد العالم العربي، بيركلي أبوظبي، كلوب دي مدريد، المجمّع الثقافي، الاتحاد الدولي لمجالس الفنون ووكالات الثقافة، إيمج نيشن أبوظبي، متحف اللوفر أبوظبي، جامعة نيويورك أبوظبي، منتدى ثقافة المدن العالمية، ومتحف زايد الوطني، وغيرهم.
مواضيع ملهمة
شهدت الدورات السابقة من القمة الثقافية أبوظبي تناول مواضيع ملهمة ومشاركة متحدثين بارزين، بما في ذلك نخبة من الشخصيات المؤثرة أمثال مادلين أولبرايت، ودارين ووكر، والشيخة حور بنت سلطان القاسمي، ومجموعة روانغروبا، وفرانك جيري، وتريفور نواه، الذين ساهموا في إثراء وإلهام حوارات ونقاشات القمة. وأثمرت القمة عام 2022 عن نشر تقرير بالتعاون بين دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي واليونسكو بعنوان «الثقافة في زمن كوفيد-19: الصمود والتجدد والنهضة»، والذي يقدم نظرة عالمية عن التأثير الذي تركته الجائحة على قطاع الثقافة منذ مارس 2020، ويحدد التوجهات للنهوض به من جديد.