فاطمة عطفة (ملبورن)
ارتباط الثقافة بالتراث والتاريخ وثيق، ويتجلى هذا الارتباط الدائم في معروضات «متحف ملبورن» في ولاية فيكتوريا بأستراليا، الذي زارته (الاتحاد) لتضيء على مقتنياته التاريخية والثقافية والتراثية، حيث يضم المتحف الواقع في حدائق ضاحية كارلتون، والذي أعيد افتتاحه في عام 2000، أقساماً عدة تظهر محتوياتها التاريخ الغني لهذه الولاية.
في الحديقة الأمامية للمتحف تعرض منحوتات محفورة قديمة تجسد أغنى حقبة زمنية من تاريخ مدينة ملبورن المعماري تعود لعام 1896. ويستقبلك الجناح الثقافي «ومينجيكا» في مدخل المتحف، حيث يعرض لوحة التحية والاحترام لعشيرتي «بوون وارانغ» و«ووي وارانغ» وهم السكان الأصليون لمدينة ملبورن.
حضور الشعر
من أهم هذه المعروضات عباءة فروة «البوسم»، حيث يتوجب على كل فرد من العشيرة أن يملك عباءته لأنها تمثل الموروث الثقافي والتاريخي لهم. كما أن للشعر حضوره ومكانته الثقافية لدى العشائر، حيث تعرض لوحات لقصائد باللغات المحلية. وهناك منحوتتان خشبيتان تمثلان ريشة النسر «بنجل» والغراب «واا»، تعبران عن أهمية هذين الطائرين للسكان الأصليين. هناك أيضاً العديد من اللوحات التي تشير إلى أهمية توريث الأجيال عبر العصور لما ابتكره الأجداد من طرق وعلوم ومعارف في مختلف المجالات.
يستحضر الزائر للجناح أيضاً أهمية الصيد بنوعيه البري والمائي للعشائر، وضرورة الاكتفاء بصيد ما تحتاجه الأسرة فقط، مع أهمية عدم هدر أي جزء من الحيوان المصطاد، حيث صنعوا من مختلف أعضاء الحيوان ما يحتاجونه من لباس وحلي وأدوات مختلفة.
النسر الملون
تشير المعروضات والكتابات إلى احترام العشائر بعضها بعضاً وتعاونهم فيما بينهم واحترامهم لعاداتهم وقوانينهم، ولعل أبلغ تجسيد لأهمية هذه القيم وضرورة الحفاظ عليها يتمثل في نموذج متحرك لطائر النسر الملون بعدة ألوان زاهية، مرفقاً بتسجيلات صوتية لوصايا ونصائح الأجداد للحفاظ على تلك العادات والتقاليد والقيم الموروثة.
ومن اللافت للنظر في هذا الجناح أيضاً الأسلحة البدائية التي كانت تستخدمها هذه العشائر لعدة أسباب، منها للصيد البري والبحري، ولرد الغزوات، وللطقوس الاستعراضية، ولفرض القانون في العشيرة.
وتشير لوحة معروضة إلى أن هناك أكثر من 500 عشيرة من السكان الأصليين موجودة في القارة الأسترالية، كل عشيرة لها قانونها ولغتها وثقافتها، هذه العشائر قد تجتمع لتشكل مناطق أكبر متضمنة عناصر ثقافية مشتركة.