محمد نجيم (الرباط)
جان دوست، كاتب كردي سوري يقيم منذ سنوات في ألمانيا، وأصدر الكثير من الأعمال الروائية التي لقيت إقبالاً واسعاً من القراء واهتماماً كبيراً من النقاد في العالم العربي من مشرقه إلى مغربه، وترجمت أغلب أعماله الروائية إلى عددٍ من لغات العالم، ومن رواياته: «نواقيس روما»، و«باص أخضر يغادر حلب»، أما أحدث رواية له، فهي «الأسير الفرنسي» التي صدرت قبل أيام قليلة.
«الاتحاد» التقت جان دوست خلال زيارته للمغرب، وتحديداً في مدينة طنجة، وتحدث إليها عن روايته الأخيرة، حيث قال: روايتي «الأسير الفرنسي» هي السادسة عشرة ضمن سلسلة إصداراتي السردية، وتعتمد هذه الرواية على التخييل التاريخي المبني أساساً على مادة تاريخية حقيقية يتم مزجها مع الخيال لتخرج على هيئة رواية مكتملة الأركان.
بطل حقيقي
وبطل الرواية شخصية حقيقية هو مسيو بيير آميدي جوبير الذي عاش أحداث الثورة الفرنسية والحملة على مصر وعمل في الخارجية الفرنسية دبلوماسياً ومبعوثاً خاصاً للإمبراطور نابليون بونابرت. وتناولت جوانب عديدة من شخصية الرجل، منها اشتغاله بالترجمة لدى بونابرت إبان الحملة على مصر، ودراسته في معهد اللغات الشرقية بباريس وبروز الاستشراق الفرنسي، وكذلك قصة أسره التي استقيت منها عنوان الرواية.
ويقول جان دوست: الرواية بشكل عام ترصد العلاقة المرتبكة أحياناً بين الشرق والغرب، وتشابك الحضارتين سواء بالصراع ثم بالتعارف من خلال الجهود المهتمة بدراسة الآخر ومحاولة فهمه بعيداً عن القوالب النمطية التي كانت شائعة. وهذه الشخصية التي اشتغلت عليها كبطل للرواية تتلمذت على يد المستشرق الفرنسي الكبير سيلفستر دي ساسي الذي تتلمذ على يده معظم مستشرقي أوروبا في بداية عهد الاستشراق الغربي.
وعن علاقة الرواية بالتاريخ الحقيقي أضاف جان دوست قائلاً: أود أن أعيد هنا مقولتي الدائمة القائلة إن الرواية ترمم نسج التاريخ وتسد ثغراته. فالحوارات التي تجري على لسان شخصيات الرواية التاريخية مثلاً غير موجودة في كتب التاريخ والسيرة، بل يتخيلها الروائي، ولكنها ليست بعيدة أبداً عن أفكار الشخصيات وسلوكياتها. وهكذا تكتمل صورة الشخصية الروائية التاريخية في ذهن القارئ.
وعن مدينة طنجة قال: في طنجة شممت رائحة الإبداع وتتبعت آثار كُتّاب مروا من هناك، وأدهشتني وأغوتني هذه المدينة الساحرة بمقاهيها وصخبها وضجيج شوارعها وإطلالتها الفاتنة على البحر والمحيط. بل إطلالتها البهية على أوروبا من جهة جبل طارق والبر الأندلسي. في طنجة تتبعت آثار كُتاب تركوا هنا وراءهم رائحة لا تخطئها أنف المبدع، وتعرفت على بعض كتابها ومثقفيها المعاصرين.
مشهد مزدهر
وعن المشهد الثقافي في الإمارات، قال جان دوست: المشهد الثقافي في الإمارات يزدهر عاماً بعد عام، وتظهر على المسرح أصوات إبداعية وفنية سيكون لها أثر كبير في المستقبل. ويعود الفضل في ذلك إلى الدعم اللامحدود للثقافة والمشهد الإبداعي في دولة الإمارات، ففي الترجمة برزت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة عبر مشروع «كلمة» للترجمة وقدمت مئات الكتب المهمة والمتميزة بأفضل طريقة للقارئ العربي. كما نشهد أيضاً سنوياً مهرجان «طيران الإمارات» للآداب في دبي وهو فرصة ثمينة للتعرف على المشهد الثقافي الإماراتي المزدهر. ولا أنسى بالطبع معرض أبوظبي الدولي للكتاب ومعرض الشارقة الدولي للكتاب وهما من أهم المعارض الدولية التي زرتها في حياتي. وتضاف إلى كل ذلك الجوائز الأدبية المرموقة التي تكرم المبدعين كل عام، وتزيد من تحفيز التنافس في مختلف مجالات إنتاج المعرفة والأدب، وفي مقدمتها جائزة الشيخ زايد للكتاب، وكذلك الجائزة العالمية للرواية العربية وغيرها من جوائز في مختلف المجالات الثقافية والإبداعية التي تعزز المشهد الثقافي في الإمارات، وتدعم أيضاً الثقافة العربية بشكل عام.