فاطمة عطفة (أبوظبي)
تشكل الجوائز الثقافية حافزاً قوياً وتشجيعاً ملهماً للإبداع والتميز في الكتابة الأدبية، كما تشجع على القراءة وتعزز اطلاع القراء على الأعمال الأدبية الفائزة بها. وعن هذا الموضوع الأدبي التقت «الاتحاد» الكاتب محسن سليمان الذي تحدث عن دور الجوائز الأدبية في دعم جودة الأعمال الإبداعية، حيث قال: للجوائز الأدبية دور مهم في التشجيع على الإبداع وخلق حالة صحية يستفيد منها المجتمع الأدبي بشكل عام، لينعكس ذلك على طموح الكاتب الحقيقي الذي يفطن إلى أنه ليست كل رواية مكتوبة تكون بالضرورة رواية ناجحة، وطريقة الإعلان عن تلك الجوائز والتنويه عن جودتها من خلال نشر القوائم الطويلة ثم القصيرة، كما تفعل الجوائز الأدبية الكبرى، تخلق حالة من الترقب والرغبة في الاطلاع على العمل، وهذه في رأيي إحدى أهم إيجابيات الجوائز الأدبية.
وأشار محسن سليمان إلى أن التنافس لنيل الجائزة يلقي بظلاله على مدى قدرة العمل الأدبي على لفت انتباه القارئ، وهو المستفيد الأول من حالة الحيوية الثقافية التي تخلقها تلك الجوائز، مبيناً أن الجوائز تعمل على صقل تجربة الكاتب من حيث تجويد كتابته واشتغاله باجتهاد على أعماله للفوز بالجائزة، وهو أمر مشروع، والعمل الجدير بالفوز ليس طبعاً رواية أو دراسة مستهلكة كتبت على عجل ودون سابق خبرة، لأن النوع غير المتقن والمتميز لا يعبر عادة قائمة الفرز الأولي. والأعمال التي كتبت على عجل دون رؤية واضحة وصياغة متقنة تكون عادة خالية من عناصر الجذب والتميز، ولاشك أن من أهداف الجوائز تسليط الضوء على الكتاب ورفع قيمته الأدبية، وقد ظهرت لنا مؤخراً أعمال مكتوبة بحرفية متناهية تعبر عن عوالم جديدة، وطرحت أسئلة تفتح أفق القارئ وتمنح المتلقي ثروة فكرية واسعة.
تعزيز التنافس
الكاتب عمر سالم العامري أكد أن الجوائز الأدبية تلعب دوراً مهماً في رفع مستوى الجودة في الإنتاج الأدبي من خلال تعزيزها روح التنافس بين الأدباء لتقديم أعمال أدبية متميزة وذات جودة عالية، كما أن هذا الحراك الثقافي والإبداعي يدفع الأدباء والكتاب لاستكشاف مجالات جديدة وتجارب أدبية مبتكرة مما يثري المكتبات والمشهد الثقافي العام، موضحاً أن الجوائز الأدبية المرموقة سمحت لمحبي الثقافة والأدب بالتعرف على أسماء جديدة من مختلف الدول، ولوحظ ازدياد الأدباء الشباب ومحاولاتهم الجادة للوصول إلى مستوى الأدباء الفائزين بالجوائز.ويرى العامري أن الفوز بإحدى الجوائز الأدبية يعني لدى الكثير من الأدباء وصولهم إلى مستوى معين من الإبداع يدفعهم للطموح والارتقاء إلى مستوى أعلى، كما أن الحصول على مراكز متقدمة كدخول القائمة القصيرة للجائزة يجعل العمل الأدبي محط تركيز للنقد والنقاش، وهذا له مردود إيجابي كبير على الحركة الأدبية وفي اكتشاف جوانب مبتكرة يسعى الأديب إلى تطويرها. ولا ننسى أيضاً أن الأعمال الفائزة والمنافِسة تحظى بفرصة لترجمتها إلى لغات عالمية، مما يفتح مجالاً أوسع وآفاقاً أرحب لنشر الأعمال الأدبية، وربما أيضاً المنافسة على جوائز أدبية عالمية.
شغف بالإبداع
من جانبه، يعتبر الكاتب محمد شعيب الحمادي أن التحفيز والتشجيع وقود أي نجاح لأي شخص كان، وفي جميع المجالات، ويزيدان الشغف بالإبداع والاستمرار في العطاء، ويمهدان الأرض الخصبة لغرس بذور التأليف والإبداع الأدبي سعياً للحصول على ثمرة العمل الأدبي الذي ينتجه الكاتب، ويتبلور ذلك الإبداع في نتاج أدبي متميز. ويضيف الحمادي أن الكاتب يحتاج دائماً إلى التحفيز والدعم، مشيراً إلى أن المسابقات الأدبية ورصد الجوائز المعنوية والعينية تساهم في نقل الكاتب من مرحلة إلى مرحلة أخرى، وتزيد من الثقة بالنفس وتعطيه الدافع لتأليف ونشر المادة الأدبية التي سهر عليها وتعب من أجلها. ولا يعني ذلك أن تقتصر تلك الجوائز على الكتاب المبتدئين أو المشهورين بل يشمل الأمر جميع الكتاب، مبيناً أن كل إنسان يحتاج إلى التحفيز والتشجيع في عمله، وأن التكريم أو المسابقات الأدبية تساهم في انتشار رقعة الأدب وتدعم المثقفين والأدباء وتخلق نوعاً من المنافسة الحقيقية في إظهار ما هو مكنون في داخلهم، مما يحرك خلجات إلهامهم حتى يظهروا لنا الإبداع الأدبي الكامن في عقولهم، وبالتالي ينعكس أثره في إثراء الحياة الثقافية والأدبية والاجتماعية العامة.