سيؤول (الاتحاد)
«في الصحافة نحن لا ندير الوقت، لكن الوقت يديرنا»، هذا ما قاله أحد الصحفيين الإماراتيين في جلسة حوارية سلّطت الضوء على الخصائص المختلفة لكل من الصحافة والإبداع الأدبي والعلاقة بينها، وفقاً لتجارب كتاب من دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية كوريا الجنوبية، جمعوا بين مهنة الصحافة والكتابة الأدبية.
جاءت الجلسة بعنوان «بين الصحافة والإبداع.. كوريا والإمارات»، ضمن فعاليات جناح الشارقة، ضيف شرف «معرض سيؤول الدولي للكتاب 2023»، وأدارتها الناقدة والكاتبة الصحفية مهيانج كيم رئيسة تحرير مجلة المجتمع التخطيطي، وشارك فيها كل من عبد الحميد أحمد، رئيس تحرير صحيفة جلف نيوز، وهزاع علي أبو الريش، الشاعر والصحفي بجريدة «الاتحاد»، والكاتبة والصحفية الكورية يونج سيل جيونغ التي تعمل بإحدى الإذاعات الكورية.
تجارب عالمية
تحدث عبد الحميد أحمد حول بروز تجارب عالمية ناجحة جمعت بين الصحافة والأدب، أهمها تجربة الأديب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز، الحائز جائزة نوبل، الذي كتب روايات بعضها مستوحاة من تحقيقات وأعمال صحفية مثل رواية «أجمل غريق في العالم»، التي تعتبر نموذجاً للرواية المستلهمة من العمل الصحفي، إضافة إلى أن بعض التحقيقات الصحفية تحولت إلى روايات وأفلام سينمائية، ما يثبت أن العلاقة بين الصحافة والأدب علاقة متينة.
وأضاف: لكن الأدباء مثل الفراش عندما يحوم حول الشمعة، فالصحافة هي الشمعة والأديب هو الفراشة، وإذا اقترب كثيراً قد يحترق وإذا طاف حولها ستفيده في عمله الأدبي، لكن الإبداع يظل بحاجة إلى التفرغ والتركيز والانضباط اليومي، بينما في الصحافة نحن لا ندير الوقت لأن الوقت هو من يديرنا، وخصوصاً أن الصحافة نشاط مهني لجمع المعلومات والأخبار ثم تحريرها بلغة مباشرة تخاطب المجتمع، والقليل من المبدعين نجوا من تأثيرها وحافظوا على نشاطهم الأدبي.
الصلة بين مهنتين
وبدوره، أوضح الكاتب هزاع أبو الريش أن التداخل بين الصحافة والإبداع ممكن ويحتاج من الكاتب أن يكتشف تلك الصلة وسينجح في التوفيق بينهما؛ لأن الترابط بين الكتابة الأدبية والصحافة يفيد الكاتب في زيادة حصيلته اللغوية، وتوليد موضوعات جديدة للكتابة والبقاء على صلة بالمجتمع وقضاياه، وإذا ما تعامل المبدع مع الصحافة بشغف، فإنها قادرة على أن تضيف إليه زوايا نظر مختلفة للحياة والكتابة.
وقال أبو الريش: «الصحافة اليوم تركز على ما وراء الخبر، وأصبحت مطالبة أكثر من قبل بأن تكون قريبة من المجتمع، نتيجة للتطورات التي فرضها الإعلام الرقمي الذي دفع الصحفي إلى أن يكون أكثر إبداعاً، وأن ينقب عن المواد التي تحلل وتصف للجمهور ما يرغب في معرفته بأسلوب مختلف يجذب القارئ ويراعي أولوياته».
مساحة أوسع
من جانبها، أشارت الكاتبة الكورية يونج سيل جيونغ، إلى أن تاريخ الأدب الكوري مليء بالمؤلفين والأدباء الذين كانوا صحفيين، بعضهم عملوا في مختلف أقسام الصحف وكتبوا في موضوعات السياسة والاقتصاد، وبعضهم عمل مراسلاً صحفياً في الحروب والأزمات والأحداث الساخنة، وهناك أديبات حصلن على جوائز عالمية وهن في الأصل صحفيات في مجالات مختلفة، وأن هذا التوجه في الجمع بين المهنتين ما زال مستمراً حتى الآن، حيث يعمل الكثير من الأدباء في الصحافة.
وأوضحت أن الصحافة تركز على ما يهم الجمهور وتنقل الحقائق بلغة واقعية ومباشرة، أما الإبداع فهو تعبير عن ذات الكاتب وشخصيته التي كانت تختفي خلف الصحافة، لذلك يستطيع المبدع أن يكتب نصوصه الأدبية بأسلوبه الخاص، وأن يستخدم خياله، وذلك ما يجعل الإبداع مساحة أوسع للكاتب، لأنها تتيح له الاعتماد على الذاكرة والتجربة الشخصية.