أبوظبي (الاتحاد)
اختتم مركز تريندز للبحوث والاستشارات مشاركة متميزة وفعالة في معرض لندن الدولي للكتاب 2023، شكلت جسراً معرفياً عبر العديد من الأنشطة، وتُوّجت بجلسة حوارية قدّمت رؤية من الشرق الأوسط حول «محركات المستقبل.. الاقتصاد وقضايا المناخ». وحفلت مشاركة تريندز بمعرض لندن الدولي للكتاب، الذي يعتبر الأهم في العالم من حيث عدد الزوار والمشاركين، بالعديد من الفعاليات والأنشطة التي استقطبت نخبة من المثقفين والمبدعين والزائرين، وعرض خلالها جناح المركز رقم (D117) في مركز أولمبيا بالعاصمة البريطانية، مجموعة متميزة من إصداراته البحثية التي تقرأ الحاضر وتستشرف المستقبل وتحلّل القضايا الراهنة.
وقد زار الجناحَ على مدى ثلاثة أيام العديدُ من الزوار، من أبرزهم منصور أبوالهول سفير دولة الإمارات لدى المملكة المتحدة، وأحمد العبدولي رئيس قسم الشؤون السياسية بالسفارة، إضافة إلى برلمانيين بريطانيين سابقين ومسؤولين وباحثين وأكاديميين وطلاب، حيث ثمَّن الجميع جهود مركز «تريندز» المعرفية الهادفة، كما أشادوا بمستوى إنتاجه وتنوّع موضوعاته وشموليتها.
وضمن أنشطته في المعرض قام وفد «تريندز» المشارك بزيارة لمبنى البرلمان البريطاني والتقى كلاً من كونر بيرنز، عضو البرلمان البريطاني، ووزير الدولة السابق للتجارة الدولية والمبعوث التجاري لرئيس الوزراء، واللورد وال ين هو، عضو برلماني سابق من حزب «العمال»، وماثيو ماكفرسون، مدير الشؤون العامة. واللورد جون والني، مستشار الحكومة البريطانية المستقيل، حيث تم تبادل الرأي حول مجالات التعاون البحثي مستقبلاً.
«كوب 28»
إلى ذلك، نظم جناح مركز «تريندز» في معرض لندن الدولي للكتاب جلسة حوارية بعنوان «محركات المستقبل.. الاقتصاد وقضايا المناخ - رؤية شرق أوسطية»، شارك فيها كل من عوض البريكي رئيس قطاع «تريندز غلوبال»، والدكتور ماثيو جودوين، مدير البرامج في معهد توني بلير للتغيير العالمي بالمملكة المتحدة، وستيفن سكاليت، خبير الشؤون الاقتصادية بتريندز، وذلك بحضور كُتّاب وباحثين وناشرين وإعلاميين وطلاب. وقد استهل الجلسة عوض البريكي مرحِّباً بالحضور، ومؤكداً حرص «تريندز» على المشاركة في المعرض سنويّاً لأهميته كمنصة عالمية تنشر المعرفة. وقال إن حوار اليوم يحمل أهمية خاصة، لأنه يتزامن مع قرب استضافة دولة الإمارات لمؤتمر المناخ العالمي COP28، وما تكتسيه قضايا المناخ والبيئة من أهمية على مستوى العالم، وأشار إلى أن أكبر التحديات التي تواجه البلدان في جميع أنحاء العالم اليوم هي كيفية تحقيق الازدهار الاقتصادي والتنمية مع مواجهة تغير المناخ أيضاً.
تحول اقتصادي
بدوره قدّم الدكتور ماثيو جودوين، مدير البرامج بمعهد توني بلير للتغيير العالمي بالمملكة المتحدة، ورقة عمل عنوانها «مؤتمر كوب 28.. جلسة اقتصاد المناخ والانتقال العادل»، مؤكداً أن لدى المؤتمر فرصة لجعل الاقتصادات المستدامة ذات شمولية أكثر. وأكد أن الشباب باتوا يدركون جيداً أهمية قضايا التغير المناخي، مشيراً إلى أنه تم تصنيف الابتكار، مثل إيجاد الحلول الخضراء، على أنه المسار الأكثر فاعلية في العمل لمعالجة أزمة المناخ، إضافة إلى التحول في قطاع الشركات، مثل الاستثمار في الطاقة البديلة. وبيّن جودوين أن هناك إجماعاً بين الشباب على أن التغير المناخي يتطلب اتخاذ إجراءات عملية الآن، مشدداً على أهمية إشراك الشباب، ومؤكداً أن الشرق الأوسط بدأ يُظهر قيادةً وريادة في هذا المجال، مشيداً بجهود دولة الإمارات في هذا الصدد.
وطالب المسؤول الدولي بجعل التمويل المناخي والنمو المستدام أكثر شمولاً، من خلال دعم المساواة في المشاركة بالمشاريع والموارد، وتدريب النساء ودعمهن بوصفهن رائدات أعمال، وتسهيل الحصول على التكنولوجيا، إضافة إلى آليات الاستثمار التي تستهدف تحديداً دعم النساء في قطاعات النمو المستدام.
وشدّد مدير البرامج في معهد توني بلير للتغيير العالمي في المملكة المتحدة على أهمية إقرار العالم بالحاجة إلى تحول اقتصادي ثوري، من الاقتصادات المعتمدة على الوقود الأحفوري إلى الاقتصادات المستدامة القائمة على الطاقة المتجددة. وحول التعاون الشرق أوسطي وإدارة الموارد الشحيحة، أشار الخبير الدولي إلى أن منطقة الشرق الأوسط تعدُّ إحدى أكثر مناطق العالم تأثراً بتغير المناخ. كما أن شح المياه مشكلة قائمة بالفعل، حيث توجد 12 دولة من أصل 17 هي الأكثر معاناة من الإجهاد المائي في العالم، حسبما أفاد به معهد الموارد العالمية. وذكر د. ماثيو جودوين أن مؤتمر الأطراف في دولة الإمارات «كوب 28» قمة عالمية، ستتبنى نظرة دولية عملية تفضي إلى التزامات جديدة من جانب جميع بلدان العالم للعمل معاً من أجل تفادي أسوأ آثار تغيُّر المناخ.
دول الخليج والطاقة المتجددة
قال ستيفن سكاليت الخبير الاقتصادي بمركز «تريندز»، في ورقة عمل بعنوان «تحوُّل الطاقة من منظور دول مجلس التعاون الخليجي المنتجة للنفط والغاز»، إنّ دول مجلس التعاون الخليجي بذلت خلال العقد الماضي وبدرجات متفاوتة جهوداً لدعم أنظمة الطاقة القائمة فيها على الوقود الأحفوري بمصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب المشاركة في إطار السياسة العالمية للأمم المتحدة ودعمها للتخفيف من آثار التغير المناخي.
وذكر أن تحوُّل الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي ينطوي على العديد من التحديات، منها الحفاظ على الزخم في خفض الانبعاثات بما يتوافق مع الالتزامات التي جرى التعهد بها بموجب اتفاقية باريس، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن دبلوماسية المناخ الإقليمية والعالمية مترابطة، حيث ساعد فوز دولة الإمارات باستضافة «كوب 28» خلال نهاية 2023 على زيادة التركيز على المنطقة وزيادة الشعور بدورها القيادي في العالم.
وشدد على ضرورة التركيز على زيادة الاستثمار في إنتاج الطاقة منخفضة الكربون، وفي المصادر البديلة للنمو الاقتصادي، بحيث يمكن في نهاية المطاف استبدال عائدات النفط والغاز بنمو في قطاعات اقتصادية أخرى، وهو ما يمثل تحولاً في المنظومة بأكملها، موضحاً أن بناء محطات الطاقة المتجددة في دول مجلس التعاون الخليجي أدّى إلى تسريع التنويع الاقتصادي وزيادة فرص العمل الجديدة. واختتم الخبير الاقتصادي بتريندز حديثه بالتأكيد على أن التحدي التكنولوجي والمالي المتمثل في التحول إلى أنظمة طاقة منخفضة الكربون واقتصادات منخفضة الكربون أيضاً يزداد تعقيداً في نهاية المطاف، بسبب الحاجة إلى ضمان «الاستدامة والعدل» في تحوُّل الطاقة، مشيراً إلى أنه لضمان تحوُّل عادل ومُجْدٍ سياسيّاً، يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي أن تدير بعناية سرعة تحوُّل الطاقة داخل اقتصاداتها لضمان تلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية على المدى القريب، مع تحضير اقتصاداتها لحقبة ما بعد النفط.