فاطمة عطفة (أبوظبي)
للشعراء والأدباء ذكرياتهم المتميزة وطقوسهم الإبداعية في القراءة والكتابة خلال شهر رمضان المبارك، في هذا السياق التقت «الاتحاد» الشاعر خالد الظنحاني ليحدثنا عن الطقوس اليومية مع الإبداع في الشهر الفضيل، حيث قال: لديّ طقوس رمضانية اعتدتُ عليها منذ سنوات طويلة، وخصوصاً التفرغ لقراءة القرآن الكريم والسهر بين ربوع مكتبتي العامرة بالكتب المختلفة، حيث إن الشهر الكريم فرصة عظيمة لإعادة تشغيل العقل عبر التزود بالمعرفة، مشيراً إلى أنه يطالع ما استطاع من كتب أدبية يستلها من مكتبته الزاخرة بألوان شتى من المؤلفات المعرفية.
ويرى الشاعر الظنحاني أن أجمل الأوقات للقراءة تكون في رمضان، حيث إن الذهن يكون صافياً جداً. وعن ذكرياته القديمة عن رمضان في الطفولة، مقارنة مع الزمن الحاضر، يشير إلى أنها ذكريات رمضانية جميلة قضاها بين مفردات الطبيعة الخلابة في مدينة دبا الفجيرة، وكان مع مجموعة أصدقاء من محبي المغامرات، حيث كانوا يخرجون في رحلات استكشافية ممتعة إلى الجبال والسهول والبحر، ويقومون بسبر أغوار الجبال، وقد يجدون خلايا النحل المنتشرة في كهوف الجبال، ويحاولون الظفر بشيء من العسل. وكانوا يجدون ألواناً من المتعة والجمال اللذين يبحثون عنهما رغم المشقة وتحديات المغامرة.
أما رحلات البر فكانوا يجعلونها في وقت نزول المطر، حتى يستمتعوا بالجو الغائم ويستنشقون رائحة الأرض الرطبة المنعشة، وكانوا يضربون خيامهم غير المسقوفة قرب الوديان، حيث يتوسّدون الأرض ويلتحفون السماء، متفائلين ومقبلين على الحياة بحب وبهجة وسعادة. ويتذكر الظنحاني أن رحلات صيد الأسماك كانت شبه يومية، مؤكداً أن البحر معروف بكرمه ولا يخضع لمواسم معينة كي يجود بما لديه على أهله، فالبحر كله ثراء وعطاء، فضلاً عن أن البحر كان قريباً جداً من منازلنا، فقد كان باتساعه وغموضه يشكل لنا علامة استفهام وأسئلة استكشاف وحب اطلاع نسعى بجد واهتمام لمعرفة الإجابة عنها.
ويتابع الظنحاني حديث الذكريات مبيناً أن أبناء الأمس كانوا يضربون في أرض للاستكشاف وتوسيع المدارك والاطلاع، وهو الأمر الذي علمهم الكثير من المبادئ والقيم الإنسانية النبيلة، ومنها على سبيل المثال: التعاون والتآزر والاعتماد على النفس، فضلاً عن الثقة وكيفية مواجهة الصعاب، وغيرها من الأخلاقيات الحميدة والضرورية لحياة الفرد في البيت والعمل والمجتمع. ويعود الشاعر للنظر في الحاضر فيرى أن بعض أبناء اليوم ربما لم يحظوا بتلك الفرص الممتعة والمفيدة معاً، إما لخوف الوالدين على أبنائهم وهو ما يحد من حركتهم، وإما لتغير بعض مظاهر الثقافة اليوم عنها في المجتمع القديم.
عبق التراث
وحول قراءة الكتب، وخاصة التراثية منها المرتبطة برمضان، يقول: الحكايات التي كنت أصغي إليها من كبار المواطنين في المجالس الرمضانية هي ما دفعني في وقت لاحق من عمر الصبا إلى قراءة الكتب المتوفرة التي كنا نعثر عليها عن طريق الصدفة عند بعض من هم أكبر منا سناً. ويؤكد الظنحاني أن الاهتمام بالتراث من الأمور اللافتة لدى قطاع كبير من المثقفين. ولأن التراث يتضمن في متنه الكثير من الحكايا والقصص كما يتضمن قول الشعر أيضاً، فقد كان حضور المجالس وما تزخر به من ثقافة من المناسبات العظيمة التي يختص بها شهر رمضان المبارك، وقد اختزن في ذاكرته الكثير من التجارب التي أثرت فيه، وكان له الكثير من الأصدقاء ممن شبوا وتفرقوا في ميادين الثقافة والخدمة العامة في أنحاء وطننا الإمارات.