نوف الموسى (دبي)
حضور أعمال أبرز الفنانين العرب، في قسم «مودرن»، ضمن المساحات الفنية في «آرت دبي»، يؤكد التزام القائمين على الحدث، بتعزيز الأبحاث الفنية التاريخية، وقيمتها الاجتماعية والثقافية في المنطقة العربية، ودورها النوعي في إثراء مسيرة الفن الحديث، وقد اشترك في تنظيم وتقيّيم معرض «مودرن»، الناقدة الفنية مؤرخة الفن المقيمة في باريس منى مكوار، والقيّم المؤرخ الفني الإيطالي لورينزو جوستي.
جاءت التساؤلات الجوهرية حول مدى الحاجة الماسة للدراسات الفنية النقدية، حول أعمال الفنانين العرب، حيث سافر وهاجر العديد منهم إلى الغرب، محدثين حالة من التفاعل والتمازج الفني، ما استدعى الأمر إلى إعادة اكتشاف تلك الحالة المتفردة ودورها في إنتاج الأعمال الفنية، بالمقابل فإن هناك فنانين من أميركا وأوروبا، زاروا العالم العربي، واستلهموا من الثراء الجمالي والمعرفي والاجتماعي أبعاداً جديدة لأعمالهم، وجميعها، كما أوضحت القيّمة الفنية منى مكوار في حديثها مع «الاتحاد»، بمثابة ضرورة معرفية، تهدينا وعي الإمكانية الفنية في رسم ملامح الحوار والنقاش حول كيفية استخدامنا لمصطلح «الحديث» في الحراك الفني العربي، وما الذي يعنيه في اللحظة الراهنة من فعل الإنتاج الفني، ومنه حرصوا على الرجوع للتاريخ الفني، من خلال أعمال فنية لفنانين عرب في فترة الستينيات والسبعينيات، وكذلك بعض الأعمال التي أنجزها بعض الفنانين قبل وفاتهم بفترة، مثل الفنان والنحات السوري الراحل مروان قصاب باشي، أحد أبرز الفنانين التشكيليين العرب في العصر الحديث، ليقدموا لجمهور الحدث والمهتمين في القطاع الفني «المعنى» من أثر تلك الأعمال، والأدوار التي يمكن أن تؤديها في النقاشات الراهنة، مع التحولات والتحديات المختلفة التي تعيشها المجتمعات الإنسانية.
حراك ثقافي
أضافت المؤرخة الفنية منى مكوار، أن حضور أعمال الفنانة اللبنانية هلن الخال، ـ إحدى رائدات الفن اللبناني ـ التي تزوجت الشاعر والصحافي يوسف الخال، وأسسا معاً مجلة «شعر»، ثم أسسا بعدها في عام 1963 غاليري «وان» الذي يعتبر من أوائل الغاليرهات في المنطقة، الذي قدم فنانين من سوريا ولبنان والعراق ومصر والمغرب، وهما بذلك أحدثا حراكاً ثقافياً في المنطقة العربية ولبنان، فهم هنا لا يرونها كفنانة فقط، وإنما كيف أثرت في المشهدية الفنية التي بالتأكيد ألقت بظلالها على العالم الفني عموماً. ومن بين الفنانين العرب المشاركين، شهد معرض «آرت دبي»، أعمالاً للفنانة الأردنية الراحلة منى سعودي، من خلال غاليري «LAWRIE SHABIBI» للفن المعاصر، حيث عرض للمرة الأولى مدونات فنية ورسومات بخط اليد، وقد لفتت القيمة الفنية منى مكوار أن الفنانة منى، رحمها الله، كانت كريمة جداً، في إبداء رغبتها بأن يطلع الجمهور على ما تُرك هناك في الاستوديو، ممثلاً انغماسها الساحر مع الكتابة وعلاقتها بالشاعر محمود درويش، إلى جانب النحت، فهو لا يمثل عملاً فنياً بذاته وكفى، بل إنه انعكاس لما حدث في بيروت وفلسطين من خلال وجهة النظر التي تقدمها الأعمال الفنية.
إعادة قراءة
بمشاركة الفنان السوري نذير إسماعيل مواليد «1948»، ممثلاً من قبل «Agial Art Gallery»، والفنان الفلسطيني الفرنسي سمير سلامة مواليد «1944»، الذي يمثله «Gallery One» في معرض «آرت دبي»، فإن القيمة التاريخية البحثية، وحاجتنا لإعادة قراءة الأرشيف الفني، هو أهم محور في المرحلة الحالية من تجارب العرض العالمية لأعمال الفنانين العرب، وذلك بحسب توضيح أشارت إليه الناقدة الفنية منى مكوار، قائلةً: «لا نزال نحتاج إلى أن نقرأ أكثر حول ما كتب عن أعمال الفنانين العرب، ونذهب إلى أرشيف الفنانين، وندرك ما أرادوا فعلاً قوله وتجربته من خلال أعمالهم الفنية، خصوصاً تلك التفاصيل الصغيرة العابرة في مسيرته الفنية، حواراتهم مع الفنانين العالميين الآخرين، مشاعرهم الآنية في كل مرحلة، وأثر المتغيرات الزمانية والمكانية في جوهر تجربتهم ككل».
وتابعت: «بالنسبة للعالم الغربي فإن هناك دراسات كثيرة وفهماً كبيراً للفنانين وأعمالهم، أما من جهتنا في العالم العربي، فإنه يتحتم علينا أن نعمل بحوثنا عن الفنانين من المغرب وسوريا ولبنان وغيرهم، من ارتحلوا للولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، لذا أتمنى من الطلبة في الجامعات، والفنانين الناشئة، والنقاد الفنيين، أن يبحثوا عن أهمية دور الفنانين العرب في الخارج».