الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نجوم الغانم: العمل الفني يكتمل بحضور الآخر

نجوم الغانم: العمل الفني يكتمل بحضور الآخر
25 فبراير 2023 01:08

نوف الموسى (دبي)

رؤية الشاعرة والمخرجة السينمائية الإماراتية نجوم الغانم، وهي تعرض أعمالاً للوحات فنية، أنجزتها على مراحل زمنية مختلفة، بدءاً من تسعينيات القرن العشرين لغاية عام 2023، ضمن معرضها الفني «خارج الإطار» الذي انطلق مساء أمس الأول، في «عائشة العبار آرت غاليري» بمدينة دبي، بعد مسيرة طويلة في مجال الكتابة الشعرية وإنتاج الأفلام السينمائية المستقلة، هي بمثابة مساحة جديدة تفتح أفق المتلقي نحو أثر تطور التجربة الفنية على التكوين الإنساني والاجتماعي والثقافي لشخصية الفنانة نجوم الغانم. إنها حركة باتجاه إدراك الأبعاد الجوهرية لتراكم اللحظي والإبداعي التي أسست بشكل ما، الحساسية المرهفة تجاه كل ما هو قابل لتناص بين حياتنا اليومية، وموروثنا الثقافي والاجتماعي وبين التأملات المتفردة للمبدعين، وقدرتهم البديعة على ابتكار الرابط الأدبي والجمالي، واستحضاره بخفة متقنة في الوعي المجتمعي العام. ذلك أن تجليات قصة عرض لوحات الفنانة نجوم الغانم الفنية، قد بدأت بعد اشتغالها على مجموعة لوحات لوجوه ظهرت في خلفية فيلم «عبور» 2019، التركيبي، أثناء مشاركتها الثانية في بينالي البندقية 58، لصالح الجناح الوطني لدولة الإمارات. وسبقت ذلك مشاركتها الأولى في عام 2017، ولقيت إقبالاً لافتاً، وتطورت على إثرها الأسئلة حول الأعمال الفنية، ما ألهم المجتمع الإبداعي في مركز مرايا الفنون بالشارقة، لتنظيم معرض فني «ملامح» للفنانة نجوم الغانم الذي تضمن مئات الوجوه والتعابير الإنسانية، وصولاً إلى معرض «خارج الإطار»، حرصت من خلاله عائشة العبار، مؤسس «عائشة العبار آرت غاليري»، على زيارة الاستوديو الخاص بالفنانة، والبدء برحلة فتح الصناديق القديمة، واستخراج مدلولات فنية لمسيرة الفنانة نجوم الغانم، بينما تركز عمل القيّمة الفنية على المعرض جولين فريزل على أن توازي كل تلك المُكتشفات للوحات الفنية، بصور فوتوغرافية من أفلام المخرجة السينمائية نجوم الغانم، تصاحبها أبيات شعرية، كتبتها بخط يدها على لقطات من أبرز أفلامها: فيلم «صوت البحر»، فيلم «آلات حادة»، فيلم «حمامة»، فيلم «سماء قريبة». 

هواية شخصية
وأوضحت الفنانة نجوم الغانم في حوارها لـ «الاتحاد»، أن الفن كان بالنسبة لها هواية شخصية، واختارت أن تبقى اللوحات من بعدها لعائلتها، ولكن ما حدث على إثر ردود الأفعال التقديرية للوحات الفنية، جعلها تتحمس لتقديمها للناس، وربما أكثر ما دفع الفنانة نجوم الغانم، لتأصيل فكرة المشاركة، هي النتائج الإنسانية التي تحققها المشاركة الفنية، والتي تتمثل في إحداث «التواصل»، قائلةً: «العمل الفني يكتمل بحضور الآخر، صحيح أنه يبدأ من الذات، ونحن نمارسه في عزلتنا، إلا أننا أحياناً نمر بظروف شخصية، تستدعي فينا الأسئلة وهي كيف يرى الآخرون هذا العمل، وتلك اللوحة، وإجاباتهم وإيماءاتهم وتصوراتهم وتأملاتهم ما هي إلا طاقة نتبادلها بين بعضنا بعضاً، وهي مسألة في غاية الأهمية، لأنها تعطينا حالة من الاستمرارية الإبداعية والتناغم مع فعل الحياة عبر الأعمال الفنية». 

شعور بالحنين
وتنوعت الاشتغالات في أعمال الفنانة نجوم الغانم، في معرض «خارج الإطار»، واصفةً إياها بالذاتية، وعلاقتها بالمدينة، التي بدأت بحسب تعبيرها: «تدخل نافذتي، تخطف مني المدى الواسع، فقد صار المدى أضيق، وأصبحت السماء أصغر، وجميعها تعود لفكرة المدينة وفلسفتها، التي لها انعكاس واضح في أعمالي». وفيما يتعلق بالأعمال الفنية «امرأة»، 1997، «ممثلة ذلك المشهد»، 1994، «سفينة نوح» 1995، «شعب المريخ» 1995، التي أنجزتها أثناء دراستها الجامعية في الولايات المتحدة الأميركية بجامعة أوهايو، في منطقة «أثينس»، أشارت الفنانة نجوم الغانم إلى ملاحظة استخدامها لمادة «الخيش» في اللوحة، وذلك يعود لشعورها بالحنين إلى بلدها الإمارات. وتابعت: كنا نسافر من المنطقة التي أدرس فيها إلى مدينة كبيرة، لشراء حاجيات البيت، ومنها الأرز، يطلق عليه محلياً «العيش» الذي يوضع في كيس مصنوع من «الخيش» لحفظه، وكان يعز عليّ رميه، لارتباطه العميق بالهوية والذاكرة الخاصة بي، فاخترت أن أقطعه بمقص، وأشتغل عليه كمادة فنية، وعلى الرغم من صعوبة المادة وقدرتها الفائقة على امتصاص الألوان بشكل مخيف، وأنها تحتاج جهداً لتطويعها، إلا أن أثر حضورها في اللوحة، دائماً ما يهدي ملمحاً لرمزية روح المكان وأُناسه. 

إعادة اكتشاف
وأثناء دراستها، تعلمت الفنانة نجوم الغانم الطرق المختلفة للمدارس الفنية، وكيفية النظر إلى المواد المستخدمة وإعادة اكتشافها، مبينةً أنها اختارت الاشتغال على الألوان الزيتية، معتبرة أنه خيار مبكر، في ذلك الوقت، إلا أنه يعود إلى شعور تملكها بالانتماء للألوان الزيتية، مدفوعة بوهم أنها قادرة على التصحيح والتغير باستخدام هذه الألوان، ولا تدري تماماً من أين جاء هذا الوهم حينها، مرجحة عودة المسألة إلى قلة الخبرة، ولكنها مع الممارسة وتطور تجربتها، من خلال خامات أخرى اشتغلت عليها مثل «الزجاج» و«السراميك» و«الخزف»، وصلت إلى مرحلة أسمتها بالتصالح مع ألوان «الأكريليك»، فالأخير حضر في السنوات العشر الأخيرة من اشتغالاتها الفنية. 

شاعرية الكلمة
و«لكنهم حين التفتوا ليتذكروا ذلك الصوت.. تحولت المفازات إلى محيطات وجبال»، هنا أحد الأبيات الشعرية المكتوبة بخد اليد على فوتوغرافيا من فيلم «صوت البحر» للمخرجة السينمائية الغانم التي ألقت بظلالها على المشاهدين والزوار في «عائشة العبار آرت غاليري»، فأغلبهم توقفوا لسؤال الفنانة عن تلك الشاعرية في الكلمة وتعابيرها مع الفوتوغرافيا الفيلمية. فما الذي يحققه مشهد المداوية الشعبية «حمامة»، وهي ترتل عبر أرواحنا تصوراتها بمشهدية شعرية لفيلم أنتج عام 2010، تغنت بها نجوم الغانم: «خبأتُ الذكريات في الصناديق.. حتى تبقى جديدة في شرائطها.. وكأنها هدايا لم تُفتح بعد»، وأثرتها كذلك تعبيراتها عن همسات الفنان التشكيلي الراحل حسن شريف، رائد الفن المفاهيمي في الإمارات، عبر فوتوغرافيا من فيلم «آلات حادة»: «أزيل عن كتفي أصواتهم ووجوههم.. أعبر للمسافات لربما أصبحتُ حراً منهم.. أعبرُ لأضيّع آثارهم».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©