محمد عبدالسميع (الشارقة)
تناولت مسرحيّة «الهود» السعوديّة التي عرضت على مسرح قصر الثقافة في الشارقة ضمن عروض الدورة الرابعة لمهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، قضية التضحية والانفكاك من الأسر الذهني بالخروج قليلاً من الصندوق في التفكير نحو الخلاص الجماعي لصيادي البحر الذين يمثلون أهل القرية، في مسرحية طرفاها «أبو شداد» وبطل المسرحية «يحيى»، كنقيضين للخير والشّر، فيما كانت «سلمى» على الطرف المقابل تمثّل صوت الحبّ وانبلاج الأحلام من عتمة الليل.
عروض وأهازيج
وفي ذلك كان التصميم السينوغرافي والديكور والإضاءة والمنطوق اللغوي في الحوارات التي تخللتها عروض راقصة وأهازيج البيئة الساحلية، بالاتكاء على هذا الصّوت الذي كان ضميراً مسانداً أو خيّراً في العمل لبلوغ الأهداف وتحقيق الأحلام، بما في ذلك من صعوبات وانتظار وتحديات. واعتمدت المسرحية التي أخرجها معتز العبدالله، وكتبها راشد الشمراني، فيما أعدّها مشعل الرشيد، على اللغة الفصيحة التي لم تكن لتخلو من الأمثال والأغاني واللغة الشعريّة التي أدّاها راوي العمل، الذي كان يمثّل دور ناقل الأحداث ومؤلّب العواطف في البداية وفي تصاعد الأحداث وعند نهاية العمل، بما له من تأثير على شخوص العمل الذي اتكأ على موروث اجتماعي، في السفر والعودة، وتقاليد «الختان» الذي يعني «الهود» كعنوان للمسرحيّة. إثارة أهالي القرية وبثّ روح الوعي فيهم، من خلال مصدر رزقهم المهدد بتصريح وهمي من «أبو شداد»، كانت دافعاً لـ«يحيى» لأن يدخل البحر دون هذا التصريح، لتتصاعد الأحداث ويكون التحدي بين عنصري: الخير والشّر.
واشتمل العمل كسينوغرافيا، على البيئة البحرية وأزياء الصيادين واستعادة الفتاة حكاية حبّها لـ«يحيى» المختفي الذي كان يُرجَّح في حوار الفتيات أنّه ربما غاب خلاصاً من عادة قديمة، فتتأسس المشاهد اللاحقة على إقناع الصيادين والأهالي بالإعلاء من سلطة العقل والتفكير.
لغة شعرية
ممثلو العرض كانوا من الشباب الذين وجد الجمهور فيهم طاقة مبشّرة يتعين الأخذ بأيديهم نحو المستقبل المسرحي، أمّا الأهازيج والأشعار والأمثال والأسلوب الحزين في الوصف على لسان الراوي، فقد كان لكلّ ذلك دوره في ضخّ قوة إضافيّة في النصّ التمثيلي الذي اتكأ على موسيقى حزينة تناسبت وحالة السفر والغياب والخوف على الأهالي من واقع ارتجالات الراوي وأحزانه.