فاطمة عطفة (أبوظبي)
تتناول رواية «الجريئة» أحداثاً حقيقية موثقة، بطلتها «ماري بِتي» وأعضاء البعثة الدبلوماسية الفرنسية إلى فارس في بداية القرن الثامن عشر الميلادي. ورواية «الجريئة» كتبها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقد جرت قراءتها في جلسة حوارية أول أمس في مؤسسة «بحر الثقافة» بحضور الشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان، وأدارت الحوار الروائية ريم الكمالي، بمشاركة كل من المؤرخ د. فالح حنظل، والشاعر د. شهاب غانم، والشاعر خليل عيلبوني، وعضوات المؤسسة.
وتناولت ريم الكمالي في حديثها عن الرواية الجانب السردي والتاريخي، مبينة أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في كتابته يؤكد أن البحث تأكيد للوقائع وليس متخيلاً، والمتخيل هو فقط ثيمة السرد في اللغة. وأوضحت أن موضوع الرواية غني ويمكن أن تكون كبيرة. وفي التفصيل السردي أن ماري بتِي بالأساس عندها أموال، وقد استدان منها جين بابتيست فابر المكلف برئاسة البعثة الدبلوماسية، وهو تاجر وليس دبلوماسياً. وأرادت ماري بتِي أن تسترد أموالها فلاحقت فابر متنقلة بين عدة مدن فرنسية، ثم لحقت به إلى إسطنبول بعد موافقته على أن تسافر معهم بدعوى أنها زوجة خادمه. وأضافت أن ماري بتِي عادت أخيراً إلى باريس، بعد رحلة شاقة إلى فارس عبر أقاليم السلطنة من إسكندرون إلى يريفان حتى تبريز وأصفهان. ولكنها لم تحصل على أموالها في باريس، ولم تنل إلا القليل الذي منحها إياه ملك فارس، كما تجنى عليها ميشيل الذي كلف برئاسة البعثة بعد موت فابر، وأدخلها المحاكم واتهمت بالهرطقة! وقد مرت بظروف صحية واتهامات ظالمة ولكنها تخلصت منها، وإن كانت نهايتها تعيسة. وقد ترك الشيخ سلطان نهاية الرواية مفتوحة فنياً. وأشارت الكمالي إلى أن روايات ومسرحيات الشيخ سلطان تكون مكثفة سردياً وبأسلوب إبداعي ملهم.
رواية تاريخية
وفي مداخلة الشاعر خليل عيلبوني أشار إلى أن من يقرأ رواية «الجريئة» يعرف أن الشيخ سلطان لم يردها رواية طويلة بل اكتفى بسرد الأحداث، وسرد الأحداث التاريخية بهذا الشكل الجميل أبدع فيه إلى حد بعيد، وهذه الرواية يمكن أن يقرأها أي إنسان في العالم، والشيخ سلطان يعتمد كثيراً على التاريخ وهو مؤرخ من الدرجة الأولى، وبهذه الرواية يحلق بكل حرف. وفي مطلع القرن الثامن عشر كان ملك فارس حسين شاه يريد مساعدة فرنسا، وعرف ذلك الملك لويس الرابع عشر فأراد أن يستغل الفرصة ويرسل إلى بلاد فارس بعثة دبلوماسية تقوم بالواجب وتؤكد لفارس أن فرنسا معها. هذا من الناحية التاريخية، وقد اعتمد الشيخ سلطان على الوثائق، واكتفى بسرد الحوادث وجعلها رواية تاريخية موثقة ويمكن أن يقرأها أي إنسان في العالم، فهي رواية تعتمد على مغامرة بعثة فرنسية تجشمت السفر إلى إسطنبول ثم إلى بلاد كثيرة أخرى، وبين أفراد تجمعهم علاقة طويلة مما قد يطرح للقارئ كثيراً من الأسئلة حول مجريات الأحداث التي جرت بينهم. وفي مداخلة الشاعر د. شهاب غانم أشار إلى أن الرواية تظهر جوانب تاريخية وسياسية مهمة في ذلك الزمن، تقرأ من الحيثيات السردية لمغامرة بطلة القصة التي تقرض فابر مبلغاً من المال وتلحق به لاسترداده. ولأن الشيخ سلطان مؤرخ فهو دقيق في سرد المعلومات التي وجدها في الوثائق وترك للقارئ التفاصيل ولم يشرح من خلال الأحداث التي جرت، هل حقاً كانت ماري بتي عاشقة لفابر؟ أم هي مكلفة بمهمة دبلوماسية سرية؟ ولكن القصة عبارة عن توظيف سردي لوثائق تاريخية وفيها جاذبية القصة.
شخصية مغامرة
وبدوره، تحدث الباحث د. فالح حنظل عن الرواية من وجهة نظر مؤرخ متسائلاً: ما الذي أتى بهذه المرأة؟ وأشار إلى أن البرتغاليين كانوا موجودين في ذلك الزمن بثلاث مناطق بالخليج: في خورفكان، وفي منطقة عُمان، وفي رأس الخيمة. وفي تلك الفترة التي رحل فيها البرتغاليون جاءت ثلاث قوى أخرى إلى المنطقة لتجد لها مكاناً هي الإنجليز والهولنديون والفرنسيون، وقال: أعتقد أن الشيخ سلطان القاسمي أعجب بشخصية هذه المرأة وجرأتها، ولذلك ركز على شخصية ماري بتِي المغامرة التي ظلت تتبع البعثة الدبلوماسية حتى تحصل على أموالها، ومرت في مغامرات عديدة خلال سرد الأحداث، وبعد عودتها إلى فرنسا لم تحصل على أموالها، بل تعرضت للمحاكمة واتهمت بتهم كثيرة!