أبوظبي (الاتحاد)
أبدع ثلاثة شعراء عرب في أصبوحة شعرية استضافتها قمّة اللغة العربية، لتذهب في ختام فعالياتها مع الجمهور صوب إبداعات الشعر، وألق القصيدة. وحلّق كلّ من الشاعر والناقد العراقي علي جعفر العلاق، والشاعر التونسي المنصف الوهايبي، والشاعرة السودانية روضة الحاج، في سماء الإبداع الشعري، وألقوا على مسامع الجمهور مختارات من قصائدهم المشبعة بألق اللغة، وجزالة العِبارات، بقصائد تصف الوجد تارة، والغياب تارة أخرى، وما بينهما تقف القصيدة في مطلعها لتروي حكاية الجمال الشِعري وإبداعاته. واستهلّ العلّاق الأصبوحة بعد تقديم الشاعرة والإعلامية اللبنانية نادين الأسعد بقصيدة «نبيل الكلام» فقال في مطلعها:
مطرُ الليلِ هنّ
يمسّدن لليلِ وحشتهُ
ويُشعلن فيه عصافيرهنّ التي لا تنام
بحفيف أنوثتهنّ يكحّلن طين اللغة
ويفلقن رمّانة الضوء حتى تسيل القصيدة
حتى يسيل الحصى كلام.
وفي قصيدة بعنوان «ربما» قال العلّاق:
ربما شَحُبت لغتي مرّة
ربما وهنَ الحُلم منّي هنا أو هناك
فتدليتُ من حبلها الرخو حتى رأيت النهاية
لكنّما انتفضت في دمي شهوة الضوء
فاعتدلت قامتي مثل سارية للهلاك.
وبوصفٍ بديع للموت وحالاته، قال العلّاق في قصيدة: «ما الذي يجعل الموتَ مختلفاً؟»
إنَّ في الموتِ
ما يجعلُ الموتَ مختلفاً:
يَعْبُرُ الموتُ، لا أحدٌ يتساءلُ،
لا زهرةٌ تنحني،
يعبرُ الموتُ،
ذاكرةُ الكونِ مشبوبةٌ،
والمدى غارقٌ بالندى،
والعويلْ..
الشعر والأغنيات
أما الشاعر التونسي منصف الوهايبي، فاستهلّ الأمسية بقصيدة «قيروان سيرة الهلالي الصغير»
قال في مطلعها:
فكّرتُ يوماً في المدينةِ..
قلتُ أزرعُ رسْمَهَا: حرْفاً هنا.. حرْفاً هنالكَ..
كنتُ طفلاً وقتهَا..
خالي الوِفاضِ أقولُ لي لا شيءَ يُعْوِزنِي..
وللكلماتِ مثلُ حروفِها قَمَرِيَّةً.. شَمْسِيَّةً..
إبَرُ النباتِ..
وكلُّ حرْفٍ طيّبٌ، فلعلّها تُؤتِي ثماراً مثلهُ ولعلّهُ..
وتابع الوهايبي إبداعاته في قصيدة بعنوان: «النساء» فقال فيها:
نَحنُ نعرفهنّ من الشِعرِ والأغنيات
في أحاديثنا في المقاهي وفي الذكريات
النساء.. كلّ شيء يهدهدهُ إذ ننام
كلُّ ما هو منفرجٌ كلُّ ما هو منغرقٌ بالكتاب..
أما قصيدة «بيت أدونيس» فكانت الختام، حيث أطلق الوهايبي العنان لإبداعاته ليشدو بأبيات قال فيها:
كانَ الليلُ يهبطُ بارداً في ليلِ قصّابين..
حيث لبستُ عزلتهُ وعزلتها مجمّعتين في كلماتهِ
الأرضُ قبرٌ طازجٌ لصديقنا الدوريّ
يرسو فوق حائطِه وينزلُ وهو يغرف من ندى الأعشاب..
هذا البحرُ لي
وبتحية إلى دولة الإمارات وبرسالة محبّة خالصة من السودان أبدعت الشاعرة روضة الحاج في قصائدها، لتستهلّ الأصبوحة بقصيدة «أعصي امتثالي للكلام» فقالت فيها:
عطشى وهذا البحرُ لي..
حَيرةَ وأعرفُ كلُّ نجمٍ آفلٌ في أفق ماضي..
أمشي وهذا الوقتُ يشربُ ألفة الكلمات في روحي..
واختتمت الحاج إبداعاتها الشعرية بقصيدة: «تماهٍ» قالت فيها:
أرأيتني؟
شجريةٌ
ما زلتُ أُتقِنُ حِرفتي أخضوضرُ
أحتالُ للماءِ البعيدِ
أمدُّ جذري
أصبرُ وأقولُ للفأسِ التي قد أنكرتني
حاولي مهما كسرتِ فإنِّني لا أُكسرُ.