هزاع أبو الريش (أبوظبي)
تنوع المحافل والفعاليات الثقافية يعطي حافزاً لأن يكون المبدع في صلب الحدث الثقافي، وفي مضمون الإبداع الذي يثري المشهد الأدبي والفني، فيتعزز حضور الكُتاب والمثقفين في صياغة إبداع متجدد، يواكب التحديات التي تمر بها البشرية في عصرنا الراهن، ما يفتح أفق الطرح الثقافي بمشاركات متعددة وأفكار مبتكرة ومنافسات إبداعية منقطعة النظير، وبلا شك جميعها تصب في صالح خدمة الثقافة والفكر والإنسان.
في هذا السياق، أكدت الكاتبة ليلى العامري أن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في جميع الفعاليات الثقافية التي تُنظّمها وتتنّوع فيها الإنتاجات والحضور الإبداعي، خاصة فيما يتعلق بمعارض الكتاب والمهرجانات والفعاليات الفكرية والفنية، تمثل نقلة نوعية ثقافية وإبداعاً مُلهماً للارتقاء بثقافة الإنسان وفكره، مضيفة أن للمحافل الثقافية أهمية بالغة، فهي لا تقتصر على معارض الكتب وحدها وإنما يمتد التنوّع أيضاً في الحراك الأدبي والفني، ويُثري الساحة المحلية بشكل خاص، والعربية بشكل عام، ما يُعطي انطباعاً ثقافياً عالمياً عن أهمية الثقافة والمحافل الأدبية التي تُقام محلياً وعربياً. وتعدُّ معارض الكتب عادة من النشاطات التي تُرسخ ثقافة التعايش والتنوّع في وجدان الناس، بحيث تتلاقى الثقافات المختلفة للتعرّف على المشتركات القيمية والإبداعية بين الناس فيما يخصّ الأدب بكل أنواعه، وتعدد لغاته، وبناء جسور التواصل والحوار بين الثقافات والحضارات.
إرث الإنسانية
ومن جهتها، أوضحت الدكتورة فاطمة الدربي، كاتبة وخبير دولي للتسامح واستشراف المستقبل، أن مصطلح التنوع الثقافي أصبح كثير التداول في العصر الراهن، وقد حاول باحثون في هذا المجال تقديم تعريفات متعددة له على رغم سعة معناه وتطوره عبر الزمن. وعموماً، فإن مصطلح التنوع الثقافي يشير إلى تعدد المجتمعات والأنماط الثقافية السائدة فيها، من حيث تناول الاختلافات اللغوية والمعتقدات الدينية والثقافية، مشيرة إلى أن التنوع الثقافي هو إرث الإنسانية المشترك، ومصدر للتبادل الثقافي والإبداع، وينبغي الاعتراف به والتعامل معه كنظام متكامل لصالح الأجيال الحاضرة والمستقبلية.
وتابعت الدربي: «أؤكد على التنوع الثقافي باعتباره تراثاً مشتركاً للبشرية، والتنوع الثقافي يعترف بوجود ثقافات متعددة ومتجاورة في العالم، يحترم كل منها الآخر، وتجمعها الرغبة في العيش المشترك، وتتفاعل تأثيراً وتأثراً فيما بينها. ويتضمن المفهوم كذلك الاعتراف بشرعيّة الثقافات الأخرى وكونها جزءاً لا يتجزأ من المشهد الثقافي الإنساني العام، وعدم التمييز بين البشر على أساس خلفياتهم الثقافية». وأضافت: «إن دولة الإمارات تحرص على الحفاظ على التنوع الثقافي، وتعمل قيادتنا الرشيدة على استثمار التعددية الثقافية بوعي تام، وبما ينعكس إيجاباً على مسار الحياة اليومية والمستقبلية، وعلى عملية التنمية المستدامة، ومتابعة مسيرة التطور التي بدأتها الدولة منذ تأسيسها، واستمرت بمسار تصاعدي إلى يومنا هذا. وبلا شك أن للتنوع الثقافي إيجابيات عديدة، منها التعرف على الثقافات الأخرى في المجتمع، وعبرها يُمكن خلقُ التناغم والتفاهم، وفهمُ الاتجاهات الثقافية لكل شرائح المجتمع، وكذلك تعزيز الوعي بأهمية الثقافات الأخرى، ودور كل ذلك في ترسيخ ثقافة التسامح والتعايش».
المشاركة الفكرية
وقال الدكتور سيف الجابري، رئيس اتحاد الأكاديميين العلماء العرب: «إن التنوع الثقافي ذو دلالات على مستوى الوعي الثقافي لدى الإنسان، وبقدر وجود ثقافة التلقي لدى المجتمع تكون إسهامات العطاء والتواصل بين أعضائه والثقافات الأخرى مع تناغم هذا التنوع والإبداع للمشاركة الفكرية التي تبني علاقات التعاون والقيم والموروث المستمد من تلاقح الأفكار الثقافية، وكل ذلك يسهم في تعزيز الترابط بين الناس، ويجمعهم تحت مظلة العلم والمعرفة والثقافة».
حوار حضاري
وبدورها، قالت الكاتبة رحمة حسن: «يعد التنوع الثقافي إرثاً إنسانياً ومصدراً للتبادل والإبداع، ودعامة قوية لبناء المجتمعات وخلق حوار حضاري بين الشعوب، ويُكسب الناس ثقافات مختلفة ومتنوعة، ويترك أثراً إيجابياً في نفوسهم، ويعزز من الإنتاجية الإبداعية في مجال الآداب والفنون، فالمحافل الثقافية تثري وجدان الناس، وذلك من خلال تبادل القيم والأفكار بين الأفراد الذين يأتون من ثقافات مختلفة من العالم، كما تزيد وتعزز الفهم والتفاهم والتعاون بين الناس». وأكدت أن التنوع الثقافي يزيد من التفاعل والتواصل، وتبادل في وجهات النظر والآراء. والمحافل الثقافية حقيقةً فرصة كبيرة للتواصل، ومن خلالها يكتسب المثقفون علاقات متعددة ومتميزة وشراكات مع نظرائهم من مختلف ثقافات العالم.