سعد عبد الراضي (أبوظبي)
يسكن الوطن دائماً في عقول المثقفين؛ لأن رؤيتهم تجمع ما بين العاطفة وما تنتجه التجربة من عمق وصدق محبة لدى المبدعين. «الاتحاد» التقت مجموعة من المثقفين والمسؤولين عن الشأن الثقافي في الإمارات، والوطن الغالي يحتفل بعيد الاتحاد الحادي والخمسين وتحدثوا إليها بهذه المناسبة.
سلطان العميمي رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، قال: تمثل مناسبة الثاني من ديسمبر ذكرى تاريخية عزيزة في حياة جميع أبناء دولة الإمارات، فهذا اليوم شهد بداية مرحلة جديدة من تاريخ إمارات الدولة التي توحدت تحت راية علم واحد وقائد واحد، وحّد القلوب قبل الحدود، وعلى نهجه مضى حكام الإمارات المؤسسون، ومن جاء بعدهم في مسيرة ممتدة من الخير والعطاء لأبناء هذا الوطن والمقيمين على أرضه، وحرصوا على سياسة خارجية تقوم على مد جسور التعاون والخير مع جميع الدول والشعوب.
معجزة العصر الحديث
وأضاف العميمي: إن ما تحقق في الإمارات خلال نصف قرن من الزمن يعتبر معجزة من معجزات العصر الحديث، ليس على صعيد العمران والاقتصاد والتعليم وغيرها من المجالات فحسب، بل أيضاً على صعيد بناء الإنسان الذي استثمرت فيه قيادتنا الرشيدة للسير بهذا الوطن الغالي نحو أعلى مراتب الإنجاز والوعي والإنسانية وحب الخير.
وتابع: لقد غرس والدنا زايد فينا أرفع القيم التي نضعها دائماً نصب أعيننا، من أهمها قيمة العمل في بناء الأوطان وحياة الإنسان، وعلى هذا النهج مضت قيادتنا وتمضي حالياً بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يقود هذا الوطن الغالي مع إخوانه حكام الإمارات نحو آفاق مستقبلية من الطموح والتخطيط والإنجاز لا حدود لها.
وقال: إن ما حصدته الإمارات حتى هذه اللحظة من مراكز عالمية متقدمة لا يمثل في عين قيادتنا الرشيدة إلا بداية نحو إنجازات أكبر، وهو ما يجعلنا في حالة من العطاء الدائم والمستمر للمشاركة في بناء مستقبل هذا الوطن وفق رؤية قيادة لا تعرف المستحيل.
إنجازات عظيمة
وقال الدكتور عيسى صالح الحمادي مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالإمارات: إن اليوم الوطني بالنسبة لي هو اليوم الرئيس الذي ساهم في صناعة طموحاتي وإنجازاتي، واليوم الذي كان دافعاً لي لأترجم كل هذه الخطط والإنجازات إلى واقع عملي تطبيقي، وبالتالي حققت كثيراً من الأهداف في حياتي على المستوى الذاتي، سواء في الدراسات العليا أو على مستوى المشاركة في إعداد جيل مؤهل حضارياً ليسهم في بناء الوطن في المستقبل بعلم ودراية وقيم وأخلاق من خلال المساهمة في تخريج هذا الجيل وإعداده منذ التحاقي بالسلك التعليمي منذ 22 سنة.
وأضاف: أردت أن أقدم في هذا اليوم وفائي من خلال ما حققته لذاتي نتيجة ما هيأه لي وطني والحب المكنون له في ذاتي.
وتابع الحمادي: إن هذا اليوم يجب أن تكون لنا وقفة فيه لنعيد الحسابات الذاتية لأنفسنا، ماذا قدمنا وماذا يجب أن نقدم، وماذا يطلب منا الوطن في كل عام؟، ذلك لأن متطلبات التطوير مطلوبة دائماً ثم الذي يليه وبالتالي تستمر مسيرة الوطن المبهرة.
وأضاف: لقد حققت الدولة إنجازات عظيمة خلال 51 عاماً، وهذا يعكس مدى الطموح الكبير للقيادة الرشيدة التي تأسست على أيديها هذه الدولة، وكلنا نتعلم من مدرسة زايد التي نفتخر ونعتز بالانتماء إليها، هذه المدرسة التي أسست وطناً يشار إليه بالبنان، وأصبحت بها تجربة الإمارات الوحدوية تجربة رائدة يحتذى بها عالمياً.
وطن العز والتسامح
بدأت الناقدة والأكاديمية الدكتورة مريم الهاشمي حديثها بهذه الجمل الشعرية الجميلة:
تفيأت بالقلب أغلى مكان
وكنت لعقد الحياة الجمان
ومنك رشفت معاني الأمان
فأنت النعيم بهذا الزمن
وأضافت: كما لا يمكن أن نتصور طفلاً بلا أم لا يمكن كذلك أن نتصور ذاتاً بلا وطن، وطني كما الأم في شعور الانتماء والولاء والثقة والثبات، أرض الوطن هي أرض تخرج نباتها طيباً، شعباً وفياً أبياً محباً، أعطاه الوطن إنسانيته وأكرمه بطيب المحيا في زمن تلفظ فيه بعض الأوطان أبناءها، هنا لا اغتراب لكل من يشاركنا الأرض والهواء والمثل والقيم والبناء.
وأكدت أن الحكومة الرشيدة جعلت الكلمات تقترن بالإنجازات ليأتي المنجز دائماً حاضراً وشاهداً على الوفاء بأرفع الكلمات «لا تشيلون هم»، فكم طمأنتنا، كم جعلتنا نتمسك بالأمل رغم الظرف حينها، كم جاءت لتسكب على أرواحنا ماءً زلالاً بارداً وتطفئ ارتياعنا، هذه هي دولة الإمارات، وهذا هو وطني، وطن العز والتسامح والطيب والإخاء.
وأضافت الهاشمي: إن المتتبع لسياسة دولة الإمارات، منذ حضورها السياسي كإمارات الساحل وسياستها إزاء القضايا الإقليمية أو العربية كانت دوماً تتخذ المواقف الرشيدة والفضيلة والشفافية في حكمها، وكان لها توجهها الرصين الخاص. فدولة الإمارات تتميز مواقفها دائماً بالحكمة والاتزان، ليشهد لها تاريخها السياسي والاجتماعي الممتد مع الزمن على أنها تتبع دائماً هذا النهج المتوازن والذكي والمبادر في سياستها الداخلية والخارجية، والتاريخ أكبر وأصدق شاهد، فمواقفها تجاه كل القضايا المحلية والإقليمية والعربية والعالمية تثبت نظرية أن الدبلوماسية البارعة تفتح الأبواب وتكسب طرقاً مفضلة للوصول إلى النتائج المرجوة.
ومثلما بدأت اختتمت الدكتورة مريم الهاشمي حديثها أيضاً بالشعر، فقالت:
يردد صوت الفخار نداك
وتهوي لك الروح تَفدي ثراك
إذا ما اشمخرت بها في رباك
عزائم شعب تحدى المحن.
بيارق العز
قالت الناقدة والأكاديمية الدكتورة فاطمة المعمري: تكاد بلاغة الكلمات لا تصف بعمق ما يعنيه عيد الاتحاد من محبة وإعزاز في قلوبنا، عيد الوطن، الوطن ذاك الشعور بالأمان، السقف الذي تأوي تحته، منزلك الكبير، الوطن يعدو كونه مساحة جغرافية أو أرضاً ممتدة، إنه أعمق بكثير من أرض، أعلى بكثير من سماء، أضخم بكثير من كون، ولكن رغم هذا الحجم يتموضع في قلبك حباً راسخاً ومشاعر ولاء وانتماء صادقة.
وأضافت: إن عيد الاتحاد يوم لذكرى ميلاد كل هذا الحب والفخر، يوم نتذكر فيه الآباء المؤسسين الذين لم ننسهم يوماً، ولا يمكن أن ننساهم، لأن مآثرهم وإنجازاتهم ماثلة أمامنا دائماً، فبسماحتهم وصبرهم وحكمتهم نعيش في هذا الأمان، نجدد فيه الولاء للقيادة الرشيدة التي تمضي في كنف رعايتها للغد، نروي فيه لأبنائنا والعالم حكاية الإصرار والوحدة، وارتفاع بيارق العز، بيارق دولة الاتحاد عالية خفاقة تطاول السماء.