«ليالي الفن»: مبدعون يدعمون البيئة والاستدامة

نوف الموسى (دبي)
يهتم العالم في الفترة الحالية بتعزيز ركائز الاستدامة، كأحد الموضوعات الرئيسية التي تنطلق باتجاه الوعي بالبيئة الطبيعية، وأثرها على تنمية وازدهار الحياة البشرية، خاصةً بعد اعتزام دولة الإمارات استضافة مؤتمر الأطراف COP28 في العام المقبل، لمناقشة القضايا المناخية، التي ألقت بظلالها على المشروعات والمبادرات الاجتماعية والفنية في الحراك الثقافي المحلي، حيث توجه الفنانون لدعم القضايا البيئة عبر تجاربهم الإنسانية، في النسخة الـ14 من فعاليات «ليالي الفن» بمركز دبي المالي العالمي، الذي أقيم مساء الخميس الماضي، تحت شعار «الاستدامة: الفن من أجل عالم أفضل»، إيماناً من القائمين على الحدث، بأهمية إثراء النقاش المجتمعي بين الفنانين الشباب والغاليرهات العالمية التي تتخذ من قرية البوابة في مركز دبي المالي العالمي، موقعاً لها، والمساهمة في زيادة الوعي بجوهر معنى «الاستدامة» الذي يمتد في جّل تفاصيل حياتنا اليومية، ممثلاً تعبيراً نوعياً لجودة الحياة بكافة مساراتها الاجتماعية والصحية والثقافية والاقتصادية والتنموية. 

القدرة الاستثنائية
واعتبر عارف أميري الرئيس التنفيذي لسلطة مركز دبي المالي العالمي، أن القدرة الاستثنائية للفنون على جعلنا أكثر إدراكاً لمحاور البيئة الطبيعية، وسط التحولات العالمية الكُبرى، ستساهم في زيادة الوعي المجتمعي بكيفية الحفاظ على المنجز الإنساني، بالتوازي مع التقدير الكامل، لما يمكن أن نستلهمه من الموارد الطبيعية، وأنهم في مركز دبي المالي العالمي، مستمرون في الاطلاع على المشاريع الفنية، وإبراز إمكانياتها نحو الدعم العالمي للحفاظ على كوكب الأرض.

خريطة طريق
وقد تنوعت الأعمال الفنية المجتمعية المشاركة، وسط الفضاءات الداخلية في قرية البوابة بمركز دبي المالي العالمي، حيث عبّر فيها كل فنان عن رؤيته المتفرد حول عوالم الحياة الطبيعية، من خلال تجارب مر فيها المبدعون وقصص يومية عايشوها، ومن بينهم الفنانة «laura kata olah»، المدير الإبداعي لاستوديو «zutistique»، التي قدمت أعمالاً ذات بنائية معاصرة، تجمع بين اللوحة القماشية الاعتيادية، والأعمال الرقمية، إضافة إلى تقنية NFT، وشاركت بمجموعة عنوانها «خريطة طريق إلى الأرض B»، تحمل فيها دلالة البحث عن أرض أخرى أو بديلة، مبينةً أن البعض قد يعتقد أنها سلبية في رؤيتها للأمور، ولكنها ترى أنه علينا أن نبحث عن مسارات جديدة لإعادة التوازن على كوكب الأرض. 

لوحة بشعور مختلف
وفيما يتعلق بأعمالها تقول laura: «أعتقد أن أعمالي الرقمية ولوحات الاكريليك، كلاهما يعبر عن رؤية مختلفة للحياة، وتحديداً عامل الزمن في كليهما، فالعاطفة تكون مركزة وواحدة في الأعمال الرقمية، بحكم السرعة فيها، بينما في أعمال الاكريليك، تكون العاطفة متعددة، كونك تبدأ الرسم بشعور معين، ثم تتركه، لتعود إلى اللوحة بشعور مختلف، فيحدث فيها مزيج لعواطف متباينة، كون الزمن ممتداً فيها ومتغيراً، والفعل التجريدي في الفنون شاعري بطبيعته، ما يجعل الحركة في اللوحة عاطفية كذلك، ولهذا فإن النظر إلى الأعمال يوحي باتساع الموضوع، بأنه لا يقتصر على كوكب الأرض فقط، بل متصل على مستوى الكون الواسع». 

منظور متكامل
وتعمل الفنانة Mariam ketait، في مجال طب الأسرة، وشعورها بمدى حاجتها لإثراء التجربة الحسية، جعلها تذهب للرسم والفنون، مبينة أنه في مجال مهنتها، ينظر للصحة بمنظور متكامل، أيّ التداخل بين الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية، وتأثير الحياة المادية ومدى تماسك علاقتنا بالطبيعة وارتباطها بذواتنا، معتبرة أن «الاستدامة» تمثل قراراً شخصياً، وليس فقط وعياً مجتمعياً، حيث تجسد قراراتنا اتجاه الغذاء، والسلوكيات اليومية مثل ممارسة الرياضة، وكذلك قدرتنا على التعبير عن مشاعرنا، وهنا تأتي الفنون كتعبير لتشافي وتطور تجاربنا الشعورية، التي ستلقي بالضرورة بأثرها على كيفية حفاظنا على كوكب الأرض.

فعل الاستدامة
وبالنسبة للفنانة Anja bamberg، التي شاركت بمجموعة من اللوحات الصغيرة، المتموضعة على أكواب الزجاج الشفافة، مشكلةً حالة من حركة الأمواج القادمة من المحيط، فقد أوضحت أنها قامت بقطع لوحات قديمة أنجزتها قبل 13 سنة، ما يصل إلى 35 لوحة من أصل 50، وجمعتها لتكوين عمل فني، بشكل مختلف، يلاحظ فيه المشاهد تتابع الإيقاع لحركة الأمواج لحظة وصولها لليابسة، في رسالة من الفنانة لأهمية الحفاظ على الماء، ولفتت Anja، أنها عمدت إلى قطع اللوحات القديمة، كجزء من فعل الاستدامة في كيفية الحفاظ على العناصر والأدوات المستخدمة في الفنون، وإعادة ابتكارها بأشكال وأعمال مختلفة، وهي رسالة للفنانين بعدم رمي الأعمال القديمة، ومحاولة استخدامها في تشكلات حديثة ومبتكرة.