عمّان (وام)
برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شهدت العاصمة الأردنية عمّان انطلاق فعاليات مهرجان المفرق للشعر العربي الذي تنظمه دائرة الثقافة في الشارقة، بالتعاون مع وزارة الثقافة الأردنية، على مدى 5 أيام، بمشاركة أكثر من 25 شاعراً أردنياً.وشهد المركز الثقافي الملكي في عمّان حفل افتتاح المهرجان، بحضور عبدالله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، وهزاع البراري، أمين عام وزارة الثقافة الأردنية، ومحمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، إضافة إلى مثقفين وأدباء وأكاديميين أردنيين وعرب، وعدد كبير من محبي القصيدة.
روافد الإبداع
أدار فقرات الافتتاح د. سالم الدهام، مدير الدراسات والنشر في وزارة الثقافة الأردنية، الذي أشار إلى أن الثقافة حينما كانت تحتاج إلى حواضن دافئة تستثمر في الحلم، فتزرع وجدان الأرض اليباب بالأمل والبهجة، كانت الشارقة على موعد مع هذه الأحلام تدشن عهداً جديداً يتمثّل في مبادرة بيوت الشعر في الوطن العربي.
ورحّب فيصل السرحان، مدير بيت شعر المفرق، بالحضور، مشيراً إلى أن البيت أصبح رافداً من روافد الارتقاء بالإبداع باعتبار الشعر ديوان العرب، فضلاً عن الجهود الحثيثة في إعادة الألق للغة العربية باعتبارها جوهر الهوية العربية الثقافية الحضارية، مؤكداً في الوقت نفسه أن المهرجان ينفتح على أبواب من الجمال الشعري خلال خمسة أيام.
نموذج للتعاون
وألقى عبدالله بن محمد العويس كلمة أكّد فيها أهمية التعاون الثقافي المشترك، وما ينتجه من فعاليات لها حضورها البارز في الساحة الأدبية العربية، وقال: «يسعدنا أن تتجدّد اللقاءات الأخوية، وتتعزّز أواصر المحبة، عندما يتوّجها هذا التواصل العربيّ والتعاون المشترك، وهو ما يجسّده عمق العلاقات التاريخية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية في ظلّ القيادة الرشيدة في البلدين، حيث الإيمان الأكيد بأهميةِ التواصُلِ في جميعِ المجالاتِ».
ولفت العويس إلى أن الشراكة بين وزارة الثقافة الأردنية ودائرة الثقافة في الشارقة تعدُّ نموذجاً للتعاون الوثيق، الأمر الذي جعل من هذه الشراكة المثمرة سبيلاً إلى خدمة الثقافة العربية، واستمرار تنظيم الفعاليات الثقافية المتنوعة.
وقال العويس في هذا الصدد: «انبثقَ عن هذا التعاونِ تأسيس بيت الشعر في المفرق في عام 2015، وها نحن اليوم نحتفل بالدورة السابعة من مهرجان المفرق للشعر العربيّ، وافتتاح فعاليات هذا المهرجان الشعريّ الكبير، تفعيلاً لساحة الأدب والشعر، واهتماماً وتقديراً للشعراء والأدباء لدورهم في النهوض وبناء المجتمعات».
خدمة الثقافة
ولفت إلى أن استمرار مهرجان المفرق للشعر العربيّ بهذا الألق والتوهّج، ووصوله إلى النسخة السابعة، يؤكد نشاطه الفاعل في الأردن، حيث تتميز الدورة الحالية بتنقّلها بين محافظاتٍ ومدنٍ أردنيةٍ، ومؤسساتٍ ثقافيةٍ تاريخيةٍ، خاصةً في محافظة إربد الشمالية التي تعيشُ أياماً ثقافيةً زاهيةً باختيارها عاصمةً للثقافة العربية.ونوه إلى أن هذا التلاقي والتنوّع المميّز في النشاط الثقافيّ، يعزز أواصر المودة والتواصل وعمق العلاقات، كما يحرص على استمرار هذا التعاون خدمةً للثقافة العربية، والتي يوليها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، جلّ عنايته واهتمامه، من أجل المزيد من الحفاظ على اللغة العربية.
وهنّأ رئيس دائرة الثقافة في الشارقة المملكة الأردنية باختيار مدينة إربد عاصمة للثقافة العربية، ونقل تحيات صاحب السمو حاكم الشارقة، وتمنيات سموّه بنجاح المهرجان، قائلاً: «يسعدنا في هذه المناسبة، أن نهنئ المملكة الأردنية الهاشمية على اختيار مدينة إربد عاصمةً للثقافة العربية لهذا العام، آملين لكم التوفيق والنجاح، مجدّدين الشكر والتقدير لوزارة الثقافة الأردنية، على تعاونها وجهودها المخلصة، لإنجاح هذه الأنشطة المشتركة، ويشرّفني في هذا المقام، أن أنقل لكم تحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتمنّياته لكم بالنجاح والتوفيق».
الشعر في الواجهة
ومن جانبه، أبرز هزاع البراري في بداية كلمته رعاية الشارقة للثقافة، قائلاً: «تتزيّن العاصمة الأردنية عمّان بافتتاح آخر لدورة جديدة من دورات المفرق للشعر العربي، ويأتي من بيت الشعر في المفرق الذي يعد مبادرة من مبادرات الشارقة الكبرى في مجال الثقافة العربية إدراكاً من صاحب السمو حاكم الشارقة لأهمية الثقافة في إعادة المشروع العربي إلى المستوى العالي على مستوى العالم، والعودة إلى تسيد الحضارة العالمية من خلال الثقافة».
وأكّد البراري أن المهرجان إضافة نوعية للمشهد الشعري العربي، لما يقوم به من إبقاء الشعر في الواجهة الأمامية للأدب، مضيفاً أن «الحفاظ على اللغة العربية لا يكون إلّا من خلال رعاية الإبداع خاصة في الشعر أو السرد، ولا يكون الحفاظ أيضاً إلّا من خلال الإنتاج والمراكمة في الحقول الإبداعية كافة، وهذا مشروع ضمن حزمة كبيرة حقيقية تقوم بها إمارة الشارقة ليس فقط في الأردن وإنما على امتداد رقعة الوطن العربي الكبير. وقد جرى قبل عام تقريباً توقيع مذكرة تفاهم مع دائرة الثقافة لنُؤسس ونبني عليها خطوات قادمة، ودائماً عمّان ترحّب بالأشقاء من الشارقة بأي فعل ثقافي عربي مشترك».
وأشار البراري إلى أن الثقافة هي الميدان المتصل والمتواصل الذي يجمع العرب على مشروع واحد، وهي المدونة الحقيقية، مؤكداً أن الشعر هو ديوان العرب.
6 شعراء
وشهدت أمسية افتتاح المهرجان مشاركة 6 شعراء، وهم: راشد عيسى، ويوسف عبدالعزيز، وسعد الدين شاهين، وإيمان عبدالهادي، وعلي البتيري، ومحمد سلّام جميعان، وقدّم لها سالم الدهام.
وأعرب الشعراء المشاركون عن امتنانهم للشارقة بوصفها حاضنة للإبداع والمبدعين، مثمّنين الدور البارز الذي تمثّله الإمارة في الرعاية الكبيرة للمثقفين العرب من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة.
وتنقّلت القراءات الأخرى بين محطات وجدانية وإنسانية ووطنية، مستلهمة مجازاتها الساحرة من مشهديات وصور الماضي، واتكأت على مفردات الحنين والأمل والحب، حيث أظهرت القصائد دواخل الشعراء وما يكتنفهم من حب وعاطفة تنطلق منها أجمل العبارات الشعرية.
وشهدت المكتبة الوطنية في عمّان ثاني أمسيات المهرجان، وشارك فيها الشعراء: زهير أبو شايب، وناصر شبانة، ونبيلة الخطيب، وفريد سرسك، ومحمد أكرم السالم، وقدّمت لها الشاعرة وفاء جعبور التي قرأت في سير المبدعين الخمسة، في حين تخللت الأمسية وصلة غنائية للفنان الأردني فارس الخزاعلة.
رائحة الشعر
وفي الختام، كرّم العويس والقصير يرافقهما البراري شعراء أولى أمسيات مهرجان المفرق للشعر العربي، بتسليمهم شهادات تقديرية، تثميناً لجهودهم الإبداعية، والإضافة الأدبية النوعية التي أسهموا في تقديمها خلال القراءات.وصاحب المهرجان معرض لعدد من إصدارات دائرة الثقافة في الشارقة، وكان من بينها: مجلة الشارقة الثقافية، ومجلة الرافد، ومجلة القوافي، ومجلة المسرح، وتمكن الحضور من اقتناء المجلات، حيث اطلعوا على عناوين ثقافية تنوّعت بين المحلي الإماراتي، والعربي، والعالمي.
ووسط أجواء تعبق برائحة الشعر، كانت الموسيقى الوجه الإبداعي الآخر المصاحب للقصيدة، حيث عزفت فرقة الحسين الموسيقية أجمل الألحان من 24 عازفاً في إيقاع موسيقي لافت جذب ذائقة الجمهور.
وتقوم موسيقى فرقة الحسين على آلة «مزمار القربة» كآلة رئيسية، إلى جانب آلات أخرى، حيث تقدّم الفرقة وصلات موسيقية تراثية.
يشار إلى أن مهرجان المفرق للشعر العربي سيواصل تجواله بين مدنٍ ومحافظاتٍ أردنية خلال الأيام المقبلة، بحيث ينتقل إلى مدينتي إربد، والمفرق الشماليتين، خاصة أن الأولى تحتفي، هذا العام، باعتبارها عاصمةً للثقافة العربية، وستشهد المدينتان أمسيات شعرية متنوعة.