السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«بيت القهوة».. تثمين ثقافة وكرم ضيافة

بشاير البلوشي تقدم القهوة لأحد الزوار (تصوير: علي عبيدو)
25 أكتوبر 2022 03:16

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

على عادة أهل الإمارات وتراثهم وثقافتهم الأصيلة، حرصت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي على تخصيص مساحة لاستقبال ضيوف القمة الثقافية أبوظبي 2022 بالقهوة العربية، عنوان الجود وإكرام الضيف، بنكهتها المميزة وعبقها الذي يخاطب الحواس عبر طقوس خاصة، ضمن عادات وتقاليد أصيلة استحضرها «بيت القهوة».
وتأكيداً على أهمية الارتباط الثقافي والوجداني بالماضي في جمالياته وحميميته، وضع «بيت القهوة» الزوار أمام متحف مصغر من عادات وتقاليد، تجربة ثقافية أصيلة تتضمن محاكاة لتقاليد تحضير القهوة العربية وتقديمها للضيوف، ولاسيما أن القهوة تعد جزءاً من التقاليد الاجتماعية، وتعبيراً عن كرم الضيافة توارثته الأجيال على مدى قرون طويلة من الزمن. ولا تقتصر أهميتها على الاحتفاء بالضيف وتكريمه فحسب، فهي أيضاً رمز قوة الترابط الأسري والاجتماعي والثقافي. ويستكشف الزوار عبر هذه التجربة طيفاً من أنماط العيش التي لم تغيّرها السنوات ولم تتخلَّ عنها الأجيال، في خطوة لإطلاع جمهور من مختلف ربوع العالم، على جانب من تاريخ الإمارات الاجتماعي والثقافي وتراثها الغني بالمعاني والدلالات العميقة. 
قصص الأجداد
ويسرد «بيت القهوة» في القمة الثقافية أبوظبي 2022 قصص الأجداد في أجواء متفرّدة، تضع الحدث في قالب إبداعي، إلى جانب عروض مجموعة من الأدوات الطبيعية التي استُخدمت قديماً في صناعة القهوة، مفردات وعناصر تراثية جعلت الجمهور ينهل من هذه الفعالية ويتعلم منها الكثير عبر ورشة صممت بعناية كبيرة، لتنجح في جذب الجمهور، عبر نكهات وروائح ولوحات بصرية، عكست جلساتها جوانب أصيلة من فن العيش الإماراتي، وترجمت دورها الذي كان في السابق يشكل مجلس حوار واتفاق ونقاش وحل لكثير من المواضيع الاجتماعية.

بُعد مجتمعي
ويستدعي «بيت القهوة» جانباً من التراث والتقاليد الأصيلة، ويقدم تجربة محاكاة نموذجية لمراحل إعداد القهوة العربية وتقديمها، في أقرب صورة لما كان متعارفاً عليه في المجتمع قديماً، وذلك لتوثيق وحفظ الممارسات التي ارتبطت بالقهوة والمجلس، والتي ترمز إلى الكرم والضيافة والاحترام المتبادل، حيث يقدم «بيت القهوة» إطاراً شاملاً لهذه الممارسات، وفق التوصيف المعتمد في الملفات المقدمة إلى منظمة «اليونسكو». 

تجربة ثقافية ممتعة
وفي زاوية تحاكي جانباً من المجالس قديماً تعمل شابتان إماراتيتان على إعداد القهوة أمام الجمهور بإبراز جميع مراحلها، حيث بدأت بشاير البلوشي والعنود محمد بتقديم تجربة متفردة للزوار، وتضمنت الورشة الترحيب، ونبذة عن الأدوات، وكيفية تحميص القهوة وتبريدها، ودقها في المنحاز الذي يصدح مخبراً الجماهير بأن القهوة تُعد هنا، إلى جانب عرض مجموعة من المكونات الأساسية التي تميز القهوة العربية عن سواها ومنها جوز الطيب والزعفران والهيل وماء الورد وحبات القرنفل، وعبر الدلال الثلاث ووفق مراحل معينة، تكون القهوة جاهزة للتذوق، تجربة ثقافية ومعرفية ممتعة، تجسد عمق التقاليد التراثية وأصالتها التي جذبت الجمهور وروت شغفه المعرفي. 

القليل منها حب
 وقالت بشاير البلوشي «مضيف» في بيت القهوة التابع لدائرة الثقافة والسياحة، إن القهوة كانت تعد في الصباح الباكر، وصوت المنحاز يعتبر دعوة للجيران والأصحاب لارتشاف فنجان قهوة، كما أوضحت أن الفناجين كانت كبيرة، ومن العادات والتقاليد أن لا يتم ملء الفنجان إلا ربعه، وأن الكثير منها في الفنجان يعبر عن عدم الرغبة في الضيف وهذا نادر الحدوث، والفنجان قليل القهوة يعتبر دليل مودة وحب، وذلك طلباً لإبقائه أطول مدة، كما أن الفنجان المليء يعتبره البعض إهانة، وعندما يكتفي الضيف من القهوة يهز الفنجان، ويردد: أكرمكم الله. 

حفظ التراث
يأتي «بيت القهوة» ضمن التزامات دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي للحفاظ على التراث وتثمينه والترويج له وحفظ تقاليده، ولاسيما عناصر التراث التي تم إدراجها على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لمنظمة «يونسكو». وبتجربة أدائية عرضت التقاليد المرتبطة بإعداد القهوة باستخدام الأدوات التقليدية، بدءاً من «حمس» حبوب القهوة باستخدام التاوة والمحماس، ومن ثم تبريدها ودقها بالرشاد والمنحاز، وبعدها غلي مسحوق القهوة في الدلة باستخدام الكوار، ثم بعدها تقديم القهوة في دلة المزلة والفنيال «فنجان»، مع استخدام أدوات أخرى مساعدة، للترحيب بالضيوف، وغيرها من عناصر تراثية مكملة، حيث يعد الموروث مكوناً أساسياً للهوية، وعاملاً حاسماً لمد جذور الانتماء، وقد أثمر توجه دولة الإمارات نحو إحياء التراث والحفاظ عليه، عن تحقيق الكثير من الإنجازات، وأحد أبرز هذه المنجزات تسجيل العديد من عناصر التراث الوطني على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لمنظمة «يونسكو»، وأحدها القهوة العربية التي تتمتع بمكانة خاصة في التراث العربي، ومن خلال مبادرة «بيت القهوة» تشارك مع العالم التقاليد العريقة التي طالما جمعت ثقافة الإمارات مع ثقافات العالم من التحاور والتفاهم والتسامح.

القناد
بكل حب تنغمس العنود محمد «صانعة القهوة» في «بيت القهوة» التابع لدائرة الثقافة والسياحة في تحميس القهوة، وتبريدها ثم دقها وإعدادها، حيث قالت: «توضع جميع المكونات في أوان طبيعية مصنوعة يدوياً من الخوص، ومنها القرنفل والهيل والزعفران وجوز الطيب، بينما تحمص القهوة في التاوة أو المقلاة ويتم تقليبها بوساطة المحماس وهو أداة معدنية على شكل ملعقة ذات مقبض طويل، ثم يتم تبريدها بالمبردة وتستخدم هذه السلة لتبريد وتنظيف الحبوب قبل أو بعد الحمص والتخلص من قشورها، ويتم دقها، ثم وضع القناد وهي المنكهات المختارة في دلة المزلة. وتأتي مرحلة التصفية وتتم بوضع ليفة مصنوعة من لحاء النخيل في فوهة دلة التلقيمة لتصفية القهوة عند صبها في دلة المزلة، موضحة أن أول فنجان يشربه الصانع، بينما تقدم القهوة من اليمين للضيوف. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©