نوف الموسى (دبي)
الطريقة التي ترجم فيها الفنان سعيد المدني لكلمة «الفضاء» بدلاً من «المساحة» هي بمثابة لحظة التحول بين الوعي والمخيلة، اعتبرها الفنان خطأً في المعنى، عائداً لترجمة غير صحيحة، إلا أننا ننظر إليها كمفتاح لإدراك تحول الفكرة عبر اللغة، وتباين المفاهيم، ودورها إن صح التعبير في بناء التجربة في الأعمال الفنية، يسرد الفنان سعيد لحظة التحول قائلاً: «بالتوازي مع شعور الغربة أثناء دراستي في لندن، كنت أحاول فهم هذا الشعور المرتبط بالمكان، وكيف يُمكن أن أضعه بكل أبعاده السيكلوجية في رأسي في أعمال فنية، بدأت وبشكل لا إرادي أكتب كلمة فضاء، معتقداً أنها تعني مساحة، وهكذا ظللت أكرر وأكرر، حتى تجسدت الكلمة في مشروع طباعة يدوية والطباعة على الحرير»، ورغم هيبة الفضاء المفتوح على مساحات لا نهائية، إلا أن التحديق قليلاً في فراغها الفسيح، وسط التسارعات اللحظية للحياة، يوحي بالمقابل أن هناك أيضاً «هاوية»، استخدمها الفنان سعيد المدني، تعبيراً لعنوان المعرض «الهاوية تحدق بك»، الذي ينظمه «Space twelve art Gallery» بمدينة دبي، بالتعاون مع القيّم الفني ناصر عبدالله، ويصف الفنان سعيد المدني نقطة جوهرية للمعرض، وهو أن تكرار الفضاء الذي ينتج نوعاً من الروتين، هو بالضرورة يُخرجنا من الغربة، وينسجنا بشكل تفصيلي مع المكان الذي يشكل هويتنا، وبالتالي فإن قيمة «الأرض» هنا، تبث الأسئلة وتجعلنا نتحرك وفق تأثيرها علينا، فلا يُمكن الفكاك من مكوناتها كمحور رئيسي يشكل تراكمية تجاربنا الإنسانية، وبالتالي يخلق لنا المعنى.
التجارب المتراكمة
ترتبط أعمال الفنان سعيد المدني بهوية المكان، القائمة على الثقافة والموروث والعناصر الخاصة فيه، مبيناً أنه يحاول التعبير عن المكان بشكل تجريدي، مستخدماً وسائط متعددة، بدءاً من الطباعة، مروراً بالفوتوغرافيا والعمل التركيبي، وصولاً إلى الأداء الحيّ، وجميعها جزء من ممارسته لإيصال الفكرة في أنقى أشكالها.