محمد عبدالسميع (الشارقة)
تواصلت جلسات ملتقى الشارقة الدولي للراوي، باستضافة عدد من الباحثين في التراث، لقراءة موضوع تأثير البحر على الشعراء واستسلامهم لأدواته، شارك فيها د. عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث بورقة عن البحر والحكايات الشعبية والخرافيّة، ود. راشد المزروعي، الباحث في التراث الإماراتي، عن الشاعر الإماراتي ابن ظاهر في التراث، وسلطان العميمي، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، عن عوالم البحر في راشد الخضر. كما شارك محمد نور عن سلطة البحر وحكايات الشعراء، وفاطمة المنصوري، من نادي تراث الإمارات، عن حكايات البحر في تراث الإمارات، فيما أدار الجلسة بهي الدين العساسي.
حكايات ممتدة
وقال د.عبدالعزيز المسلم: إنّ للبحر مع الإماراتيين علاقةً حميمة، فقد ارتبطوا به، وكان مصدراً للعيش والرزق والثروة، وقد نسجوا كثيراً من الحكايات الشعبيّة والخرافيّة حوله، واصفاً هذه الحكايات بأنّها لا تنتهي وممتدة عبر الزمن، مقارنةً باليابسة. وقال: إنّ الأجيال على تواصل بحكايات البحر واقعاً وخيالاً، ما بين التسلية والترويح عن النفس، والخوف أحياناً.
البحر في خيال الشعراء
وتحدث راشد المزروعي عن الشاعر ابن ظاهر، شارحاً كيف كان البحر مهمًّا ليس فقط لأهل البحر بل للبادية أيضاً، فكانوا يلجؤون إليه عندما تضيق بهم السّبل، وكان الكثير من أهل البادية يقصدون البحر لرحلات الغوص. وقال المزروعي: إنّ قصائد وأشعاراً قالها البدو حول هذه الرحلات ومخاطرها وأهوالها. ورأى أنّ شاعر الإمارات الحكيم الماجدي بن ظاهر هو أهم هؤلاء الشعراء من خلال تجربته الشخصيّة في الغوص.
وحملت ورقة سلطان العميمي عنوان «عوالم البحر في شعر راشد الخضر»، كإحدى التجارب الشعريّة المهمة في الإمارات، خلال القرن العشرين، متحدثاً عن معاناته وبيئته وثقافته. وقال: إنّ البيئة الساحليّة هي بمنزلة الأرض الخصبة التي انتمت إليها تجربة الشاعر الخضر في لغته وأسلوبه.
فيلم «بس يا بحر»
كما استعرض عدد من الفنانين في جلسة أدارها خالد البنان، تجربة الفيلم الكويتي «بس يا بحر»، متحدثين عن ظروف العمل وشهرته وتحدياته، كأول فيلم سينمائي على مستوى منطقة الخليج، يؤرخ لفترة تاريخية معينة خاصة بمهنة الصيد داخل البحر.
وأكّد الفنان سعد الفرج أنّ الفيلم أصبح علامة فارقة في تاريخ السينما الخليجية، كأول فيلم روائي طويل يعرض في صالات السينما بالمنطقة، بمشاركة نخبة من الفنانين، إضافةً إلى فنانين وقفوا للمرة الأولى أمام الكاميرا.
وقالت الفنانة حياة الفهد: إنّ الفيلم كان من ضمن قائمة أفضل فيلم أجنبي في حفل جوائز الأوسكار، واستغرق تصويره أكثر من سنة، وهو أوّل فيلم على مستوى العالم العربي يتضمّن لقطات مصوّرة تحت الماء، ولذلك فهو إنجاز ومعجزة فنيّة قياساً إلى ظروفه ومقاييس التقنية والإنتاجيّة في تلك الحقبة.
وقال الفنان محمد المنصور: إنّ فيلم «بس يا بحر» للمخرج الراحل خالد الصديق، قد وصل بالكويت إلى العالمية، منوهاً بأنّ موضوع الدعم حال دون استمرار تجربة السينما في ذلك الوقت، مؤكّداً على ضرورة أن تستمر التجربة.
وقال عبدالرحمن الصالح مؤلف الفيلم: إنّ القصّة وحوارات الفيلم هي من وحي التجربة الحياتيّة والمهنية الثرية التي عاشها والده الذي كان بحّاراً، ومن خلال قصص وحكايات رواها البحارة الكويتيون أثناء رحلاتهم الطويلة بحثًا عن اللؤلؤ، كما عبّر الفيلم عن الدراما الإنسانيّة والنفسية المتلاطمة وسط واقعٍ اجتماعي، فكان الميلاد والفناء والفقر والغنى والموت والحياة.