نوف الموسى (دبي)
هناك دائماً أقوال مأثورة بين الخطاطين، في الطريقة التي تُرى فيها الأعمال الخطية، وأن تبحث كمتلقٍّ عن اللغة في داخل الحرف، كمن يقرأ بين السطور، ويلتقي بذاته وسط احتفال لا نهائي بهويته العربية والإسلامية، ومنه جاء سؤال «الاتحاد» في انطلاقة «ملتقى العويس للخط العربي» مساء أمس الأول، بمشاركة 63 خطاطاً، من مختلف المدارس والمناهج الخطية والفنية، الذي تنظمه مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، وهو: كيف يمكن أن يتأصل فعل الخط العربي، كتجربة مجتمعية تفتح مسارات ومدارك لإعادة اكتشاف تاريخ الحضارة العربية والإسلامية؟
ثقافة الخطاط
يوضح الخطاط والفنان الإماراتي خالد الجلاف، الذي قدم محاضرة مستفيضة عن فن الخط العربي، على هامش الملتقى، إلى جانب مشاركته بأعمال خطيه، أنه لإحداث نقلة نوعية في الممارسات المجتمعية ذات العلاقة في البحث عن «المعنى» في الحرف، وتعزيز الدراية الكامنة بمقومات اللوحة الخطية، فإن الأمر يتوقف بشكل أساسي على «ثقافة الخطاط»، وقال حول ذلك: «اشتغال الخطاط علمياً، ومحاولة فهم هذا الفن العظيم، لا يقل أهمية عن احترافه، المشكلة أن أغلب الخطاطين يفضلون أن يكونوا حرفيين أكثر من أن يكونوا فنانين.. فالمسؤولية الجوهرية تقع على الخطاط في إيصال حس التجربة للمتلقي، وبالتالي تطوير الممارسة إلى تفاصيل حياتنا اليومية، كونه تعبيراً عن هويتنا العربية والإسلامية المتفردة».
قيمة فنية وجمالية
واعتبر الخطاط اليمني زكي الهاشمي، المشارك في «ملتقى العويس للخط العربي»، أن ارتباط المعرض باحتفالية الـ50 لدولة الإمارات، يمثل قيمة فنية وجمالية لهوية الإمارات، ويرسخ مكانة الخط العربي، في كونه وعاء من أوعية العلوم العربية والإسلامية، الذي حمل العلوم منذ القرن الأول الهجري في كتابة المصحف الشريف حتى القرون المتأخرة قبل الطباعة، مبيناً كيف أن الخط العربي يمثل صوتاً وصورة متعلقة بتاريخنا، ولذا فإن التنوع في أعداد وأشكال الخط العربي، دلالة لتعددية البيئات والحضارات. ومن هنا فإن دراسة الخط العربي ليست دراسة صورية، وإنما دراسة للتاريخ، خاصةً فيما يتعلق بالمخطوطات.
صرير الكتابة
الأشكال الهندسية في الخط الكوفي، التي استوقفت الخطاط علي الحمادي، مثلت بداية قصة تفاصيل اكتشافه ومعرفته بالخط العربي قبل 20 عاماً، موضحاً عبر مشاركته في الملتقى، أنه بسبب حبه وعشقه للخط العربي اهتم كثيراً باقتناء كل ما يدور في فضاء الخطاطين من محابر وأوراق وقصبات استخدمت لآلاف السنين، ما جعلته يدرك تاريخ الخطاطين ومواقفهم في رحلتهم نحو توطيد العلاقة بين الخطاط والحرف. ولا يتخيل الخطاط علي الحمادي أن يمر يوم من دون أن يسمع صرير الكتابة.. لافتاً كيف أن الخطاط دائماً تستوقفه الكلمة والعبارة، باحثاً عن المعنى.