السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نرجس نور الدين: «الخط العربي».. ذاكرة جمالية وحضارية ملهمة

نرجس نور الدين أمام بعض إبداعاتها (الصور من المصدر)
19 سبتمبر 2022 02:19

نوف الموسى (دبي)

سردت الخطاطة الإماراتية نرجس نور الدين جانباً من تجربتها المعرفية والثقافية الأولى كقيّمة لـ«المعرض الذهبي» في ملتقى العويس للخط العربي، الذي سيقام مساء اليوم، بمقر مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، باعتبارها ممارسة جمالية لمساحات فنية مشتركة، تبحث فيها عن حسّ التواصل اللحظي مع الخطاطين وإبداعاتهم الحروفية، إلى جانب متخصصين في مجال النحت والتصميم الداخلي الذين شاركوا باشتغالاتهم في الحرف العربي، كونه تجسيداً لثراء الذاكرة الإبداعية العربية والإسلامية، بأبعادها الفكرية والفلسفية والجمالية.
تقول نرجس نور الدين: أردت أن يمر المتلقي على عدة مدارس، ويتوقف بجانب أقرب لوحات الخط التي تعكس بالضرورة جزءاً من ذاته ومخيلته ورغبته في التفاعل وتحقيق التواصل الإنساني، ولذلك تجدون المدرسة الكلاسيكية والحديثة لمجموعة من الخطاطين الرواد، بالتوازي مع المشاركات الشبابية الناشئة، ولعل أكثر ما يلفتنا جميعاً في المرحلة الآنية من اهتمامنا بفنيات الممارسة الخطية، هو طبيعة المشاريع الثقافية التي تتخذ من الحرف العربي رسالة متفردة، وتسعى إلى تطويرها بأشكال تشبه النصب التذكاري، حيث تأصل مفهوم الخط العربي في الأماكن العامة، وخاصةً أنه لا يُمكن فصل مكنونات الخط عن حياتنا ومشاهداتنا اليومية المتضمنة في أسمى أهدافها، بالبحث عن المعنى والإدراك الاستثنائي للغة، وتأثيرها في تشكيل المسارات الإبداعية والفكرية. 
وتُفكر الخطاطة نرجس نور الدين في المساحة الإبداعية بصيغة تستوعب العلاقة بين الكتلة والفراغ، مبينة كيف أن الأمر يعود إلى مفاهيم بناء الخط العربي، فعندما توزع الأعمال الخطية في المساحة العامة للمعرض فإن ذلك قد يؤثر بشكل ما على فهمنا لأثر الفراغ والكتلة في تصميم الخط، فمثلاً عند التفكير بخط «جلي ديواني»، فعادة يقوم الخطاط على مهمة تعبئة الفراغات في اللوحة، بينما عند كتابة خط «الثلث»، يُعطي المساحة الإيجابية والسلبية أي الفراغ والكتلة بشكل متساوٍ، وبذلك نتوصل إلى أن كل نوع خط له طريقة في التعبير عن نفسه ضمن المساحة، وهذا يقودنا إلى التفكير في أماكن اللوحات وحالة الاهتمام التي نقدمها للفنانين وآلية توزيعات أعمالهم أمام فنانين آخرين من مستويات وخبرات متباينة.

  • من أعمال الخطاطة نرجس نور الدين
    من أعمال الخطاطة نرجس نور الدين

تجربة حسية
 ولا تخفينا الخطاطة نرجس نور الدين، أن من تحديات العمل كقيّم في معرض فني إمكانية إحداث التوازن والتداخلات بين مختلف المشاركات، وجعلها جميعاً توفر أفضل تجربة للخطاط، كون الفنانين والخطاطين بطبعهم يمتلكون تجربة حسية عالية، وإمكانية استيعاب هذه الحساسية وتقديرها، تتيح مخرجات جمالية وفكرية رفيعة في العلاقة بين المشاركين في المعرض. 
وفي خضم حديث الخطاطة نرجس نور الدين عن طفولتها، وبدايتها الأولى مع الرسم، شرحت كيف أن حاجة الخطاطين للنظر ورؤية الأشياء وتصورها هي الخطوة الأولى لتطوير عملية تجسيد الخط كإحساس على اللوحة، وهي المرحلة التي تسبق حالة التهذيب والصقل المستمرة للنفس، طوال عملية التدريب على ممارسة الخط العربي، مضيفةً أن «النقد الفني» يُعد من العوامل الرئيسية كمشروح ثقافي مستدام في المجتمعات الفنية والفكرية، التي نفتقدها إلى حدما في دولة الإمارات، كونها تشكل مرجعيات لتطوير التجربة الإبداعية، بل وحصانه ثقافية لحفظ سلامة الخط وقوامه وفق النسب المثلى التي تم تطويرها عبر آلاف السنوات. وتوضح نرجس نور الدين استغرابها من أشخاص ينتقدون فعل الخط العربي، وأن الخطاطين لا يأتون بالجديد، والسبب بحسب وجهة نظرها إلى قلة فهمهم لتاريخ تطور الخط العربي واكتمال تجربة كل نوع في الخط، فمثلاً خط «الثلث»، وما وصل إليه من حالة الكمال، يمتد لأكثر من 900 سنة، مر خلالها بمجموعة كبيرة من الرواد، الذين طوروه، وجاء بعد ذلك غيرهم لمتابعة هذا التطوير والنمو، فلا يمكن أن يحدث الأمر في سنوات قليلة.

الانفتاح الجماهيري
تشير الخطاطة نرجس نور الدين إلى مستوى الانفتاح الجماهيري على معارض الخط العربي من جهة، وفتح مسارات جديدة لمتلقٍّ جديد يتذوق الخط العربي، من خلال استثمار البنى السياحية والفندقية في دولة الإمارات من جهة أخرى، ما سيجعل الراغبين في الأعمال والمقتنين على اطلاع دائم، دونما الحاجة لزيارة معارض الخط العربي، بل أن يراها المهتم في زياراته اليومية في العمل والأماكن الترفيهية والقاعات العلمية.

الحياة اليومية
لعل أكثر ما يطمئن الخطاط هو أن تعبر أعماله نحو حياة الناس اليومية، أي أن تتحول المؤسسات الحكومية والدوائر في القطاعات الخاصة، وكذلك الملتقيات والبرامج الثقافية، إلى أماكن عامة يحضر فيها الخط العربي كلوحة جمالية وحضارية، وحول ذلك أوضحت الخطاطة نرجس نور الدين، أنها بـ«المعرض الذهبي» في ملتقى العويس للخط العربي، وغيره من المحطات الثقافية المهمة الداعمة لقطاع الخط العربي، تطمح أن يتطور مشروع الاقتناء، لأنه المحرك الرئيسي لاستمرارية إبداع الخط العربي في ساحتنا المحلية ومنطقتنا العربية والإسلامية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©