فاطمة عطفة (أبوظبي)
ناقشت جلسة افتراضية نظمتها، أمس الأول، مؤسسة «بحر الثقافة» رواية «ميرامار» للروائي الكبير نجيب محفوظ، في الذكرى السنوية السادسة عشر لرحيله، وأدارت الجلسة الروائية آن الصافي، مشيرة إلى المكانة المرموقة التي بلغها في أعماله الروائية، وهو يستلهم معظمها من حياة الناس البسطاء وكفاحهم اليومي، وهو يمتاز بأسلوب متألق معتمداً على الحوار بالفصحى وهو يمزج بين الرمز والواقع.
واتفقت المشاركات على أنها رواية تؤرخ لزمن ما بعد الثورة بمصر، انطلاقاً من «بانسيون ميرا مار» في مدينة الإسكندرية. وتناول النقاش شخصيات الرواية بدءاً من بطلة العمل زهرة، الفتاة الريفية التي استأثرت باهتمام الجميع، إضافة إلى مدام ماريانا اليونانية وسائر الشخوص كالصحفي والإقطاعي والموظف المتطلع إلى اكتساب الشهرة والغني، كما تكتمل الصورة الاجتماعية مع بائع الصحف وزوجة سجين، إضافة إلى شخص انتهى من كل شيء وهو لا ينتظر أي شيء. مجموعة من الأشخاص اجتمعوا في البانسيون لتدور بينهم أحداث الرواية حول الشخصية المحورية زهرة التي تبدأ وتنتهي عندها معظم خيوط الرواية، حيث يكتشف القارئ أن في هذه الشخصية لمحات كثيرة من الرمزية، كما أنها تشي بتحولات المرأة المصرية في تلك المرحلة من ستينيات القرن الماضي. وزهرة فتاة هربت من الريف كي لا تتزوج رغماً عنها، ونظراً لمعرفتها بمدام ماريان لجأت إليها، وكان ذلك فرصة لكي تلتقي برجال من مختلف الأعمار والأهواء تخدمهم بإخلاص وعناية.
وأشار النقاش إلى شخصية عامر وجدي، وهو صحفي عجوز يتغنى بمجده السابق كصحفي عاش أمجاد الصحافة الوطنية وثورة الـ19 بقيادة سعد زغلول، وعاد إلى مسقط رأسه بالإسكندرية كي يستقر بعد التقاعد، وليس له عائلة فلجأ إلى البانسيون وأجوائه العائلية. ويسلط محفوظ الضوء على عادات وقيم تلك الفترة، بما فيها من تناقضاتها، وقد أجاد في التعبير عن الحراك الاجتماعي في هذا العمل، وأمسك بخيوط العمل الروائي لتعبر الشخوص عن أفكارها وشواغلها.
وجاء في مداخلة الكاتبة مريم الغفلي أنها رواية متقنة سحبتنا لزمن ومكان الإسكندرية عروس المتوسط، بعيداً عن الحارة المصرية التي تعودنا عليها في أعمال نجيب محفوظ. وقالت «نتذكر بصدق أديبنا الراحل، نتذكر فلسفته وصوفيته من بين كلمات وصفحات الرواية، نتذكر حكمته وفرادته».
وقالت مها بوحليقة: «رواية «ميرامار» من الأعمال المبكرة نسبياً لنجيب محفوظ، ونلاحظ من العنوان أن المكان يحتل مكانة مهمة في الرواية، وتجتمع فيه فئات عمرية واجتماعية وثقافية وتدور فيه تيارات فكرية وثقافية متعددة، والكاتب يقدم الأحداث بلغة جميلة وسرد سلس يكشف عن تحولات وتيارات بجرأة في الطرح ونقد صريح للثورة والإخوان والشيوعية».