عدد اليوم
فاطمة عطفة (أبوظبي)
يضم كتاب «... إلا جمل حمدان في الظل بارك» 24 حكاية من الإمارات، وهو تدوين وتثمين للسرد الشفاهي، من إعداد الشاعر الراحل أحمد راشد ثاني ومراجعة جمعة عبدالله القبيسي. ويلاحظ أن ما يشبه بعض هذه الحكايات الشعبية منتشر في العديد من البلدان العربية الأخرى، وهذا يدل على أن الحكاية كغيرها من ظواهر التراث تنتقل وتتشابه في أكثر من مجتمع. وحكاية جمل حمدان البارك في ظل النخلة، تحكي عن فتاة تعاني من مضايقة زوجة أبيها من دون علمه، وتسعى إلى تدبير زوج لها وهو شخص غير ملائم ولا يليق بها، فتهرب وتذهب مع كلبتها إلى الساحل فتذبحها وتسلخها وتختبئ في جلدها، ثم تغادر لتطوف بين البيوت وهي تنادي بأغنية طالبة من يشغلها. وبينما ترفض عدة نساء تشغيلها، تسمعها أم حمدان وتوافق على عملها، فتذهب لتسرح بالبوش بجانب رمانة يظل جمل حمدان باركاً قربها، بينما باقي البوش سارحة ترعى. ويكتشف حمدان أن الفتاة المتنكرة جميلة، ويقرر الزواج منها وتوافق أمه بعد أن يكتشفوا أنها فتاة واعية مهذبة وجديرة بذلك الزواج.
وهناك العديد من الحكايات الأخرى التي تكشف عن طموح الفتيات، كما أن السحر يدخل في بعض هذه الحكايات وفي النهاية يفشل السحر، ويأخذ الحيوان كالجمل والفأر والثعلب والذئب، إلى جانب الحمام والدجاج، دوراً مجازياً في هذه الحكايات فهو ناطق ويتصرف كالبشر! لأن الحكاية مؤلفة في الأساس للأطفال. وتركز القصص خاصة على الطفل الصغير وتصفه بالذكاء والشجاعة، مما يظهر القيمة التربوية في هذه الحكايات.
ومن الحكايات الجميلة أيضاً قصة «الثعلب والحمامة» التي تعلم الأطفال الشجاعة والحنكة، وأن يفكروا جيداً في أحوالهم. تقول الحكاية: كانت هناك حمامة بنتْ عشها فوق شجرة عالية، وجاء الثعلب يطلب منها أن ترمي له فراخها، وإن لم تستجب لطلبه يصعد إليها. وحين مر عليها طائر البوخصيفي ورآها حزينة وأخبرته بتهديد الثعلب، قال لها: لا تخافي منه لأنه لا يستطيع أن يصعد إلى أعلى الشجرة، وحين عاد الثعلب وكرر تهديده، قالت له: «اصعد إذا استطعت». فاستغرب وسألها عن سبب رفضها فأخبرته، فراح إلى البوخصيفي وهو يستحم في النهر وسأله أين يخفي رأسه إذا جاءته الريح من اليمين أو الشمال، فقال له: «هكذا» وأخفى رأسه فانقض الثعلب عليه وافترسه!
والكتاب مؤلف من ثلاثة فصول: 1- البناوه، وهي مكتوبة باللهجة المحلية كما رواها أصحابها. 2- حكايات مفصّحة. 3- من أخبار وعلوم الهلاليين. وفي نهاية الكتاب ملحق يضم حكايات من الربع الخالي، والختام «الحكاية من أولها»، حيث يكشف الشاعر أحمد راشد ثاني عن شغفه بالحكاية من أيام الطفولة وقد وردت تحت عنوان: «اندياحات حول الطفول والحكاية لمعد هذا الكتاب».
