الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الرواية.. بين السيرة والتاريخ والتخييل

الرواية.. بين السيرة والتاريخ والتخييل
19 يوليو 2022 00:54

فاطمة عطفة (أبوظبي)

الرواية ملحمة العصر، وقد ألف الناقد جابر عصفور كتابه الشهير «زمن الرواية»، ثم أعاد النظر فيه وزاده في كتاب آخر بعنوان «زمن القص»، مبيناً أن تسيد السرد لا يعني أن الشعر انتهى أو أخلى الساحة، لأن أنواع الإبداع الأدبي والفني تسير معاً، وإن تقدم بعضها وتصدر المشهد في فترة معينة. 

السيرة كرواية
وحول الرؤى والهواجس التي قد تدفع الكاتب إلى إبداع عمله الروائي مستنداً إلى السيرة الذاتية أو التاريخ أو الواقع الاجتماعي والخيال، يقول الأديب محمد الحبسي: إن الرواية عندنا في الإمارات تدور بين الواقع والمتخيل، وهذا ما لمسته من قراءاتي. وهناك قليلون ممن تناولوا التاريخ أو السيرة الذاتية كرواية وليس كدراسة. أما الرواية كعمل متخيل فهي أكثر من ذلك، وخاصة لدى جيل الشباب، فمعظمهم يميل إلى استدعاء المتخيل أكثر من الواقع، وليس المتخيل من بيئته بل من بيئة بلد آخر غير بيئته.

ويتحدث الحبسي عن تجربته قائلاً: كتبت حتى الآن عملين: «كوخ الشيطان»، والثاني تحت النشر. الأول كان بين الواقع والمتخيل، مع استلهام عناصر تراثية. والرواية الثانية تستلهم التاريخ في أحداثها وعناصرها وفيها تطعيمات تخيلية، مبيناً أن كل كاتب يكتب منطلقاً من شغف الكتابة الذي يلامس طموحه الإبداعي.
أما عن موضوع النقد الأدبي، فأكد الحبسي على أهميته وضرورته، ولكنه ليس بالضرورة مع تصنيف ما يسمى «النقد البناء» لأنه لا يوجد نقد بناء ولا نقد هدام، وإنما النقد نقد. والنقد في «لسان العرب» هو إظهار محاسن ومساوئ الشيء. ولكنّ هناك من شوهوا هذا المجال الجميل إذ يأخذون جانب الإساءة، معتبراً أن النقد عجلة مهمة جداً في تحريك عربة الإبداع الأدبي، والنقد الحقيقي يحلل العمل ويظهر مزاياه الحسنة. ويسلط الضوء على المستوى الإبداعي في الإنجازات الأدبية، ويشجع على القراءة وزيادة المعرفة وإغناء التجربة، وهذا ما يظهر في نيل الجوائز الأدبية. وضرب مثلاً بالنقد الذي طال رواية «أولاد حارتنا» للروائي نجيب محفوظ، ومع ذلك حصل بعدها على جائزة نوبل.

المتخيل السردي
وفي هذا الإطار من كتابة الرواية بين التاريخ والسيرة والواقع والمتخيل، تحدثت الروائية خولة السويدي، الحاصلة على المركز الأول في جائزة الإمارات للرواية في دورتها الأولى 2013، «فئة الرواية القصيرة»، قائلة: إن كتابة الرواية تستند إلى مزيج من الخيال والواقع، وتعتمد أيضاً على التاريخ، كما في رواية «يوميات روز» لريم الكمالي، حيث يظهر فيها تاريخ ومتخيل، بينما السيرة الذاتية تستمد فضاءها ومتخيلها السردي من الواقع الشخصي للكاتب.

وحول انعكاس النقد على العمل الإبداعي، قالت الكاتبة السويدي: هناك نوعان من النقد، نوع سلبي يتخذه الناقد وسيلة للهجوم والتحامل على المبدع، من دون النظر إلى معايير معينة، وهو نقد لاذع لا ينبني على أساس صحيح، وقد واجهت هذا النوع من النقد مراراً، ولم أعره أي اهتمام، لأنني واثقة من طريقتي في كتابة الرواية. وأضافت أن هناك نوعاً آخر، هو النقد الإيجابي الذي يقوم على معايير موضوعية، فيوضح للمبدع أخطاءه من دون انتقاص منه أو تقليل من أهمية تجربته، لأن هدفه ليس إحباط المبدع ولا وأد التجربة، بل صقلها وتقويمها وتصحيح مسارها وتوجيهها في الطريق الصحيح.

البعد الغائب
ومن جانبها، تقول الروائية لولوه أحمد المنصوري: الرواية فن ولعب وابتكار ومكر، وهي لا تشترط المصداقية التاريخية عدا العناصر الأرضية واللبنات البديهية، فثمة فارق بين الروائي والمؤرّخ، الأول يُعمِل خياله في نحت فراغات التاريخ، والثاني يحرك أدوات بحثه في نقل ما دوّنه الآخرون، ويضفي استنتاجه الأكاديمي، ويوثق مراجعه. والرواية تعيد بناء العالم الإنساني باستلهام الوقائع التاريخية والملاحم، ومنحها بعداً حكائياً مشاكساً، يخلع الروائي عليها شيئاً من ذاتِه، شظايا من سيرته وبصمته الروحية، ولكن بطريق اللعب الروائي والتخييل، فهو يطعّم عمله بالعاطفة والوجدان والدراما، ليقدم البعد الغائب في الكتابة التاريخية، وهو البعد العاطفي والوجداني أو الفلسفي العميق، الذي تسكت عنه المصادر التاريخية عادةً.

وحول ضرورة النقد وغيابه، تقول المنصوري: النقد مرآة عاكسة للعمل الأدبي، ولدينا انتعاش للنقد المحلي في دولة الإمارات عن طريق «نادي النقد»، وتفعيله من ضمن أنشطة اتحاد الكتاب، وهو برئاسة د. مريم الهاشمي، ومعها ناقدات مبدعات استطعن في أكثر من ندوة أن يحطن بالمجريات الإبداعية الجديدة في الإمارات، وحاولن تسليط الضوء عليها بدءاً من إنتاج السبعينيات، ونحن مستبشرون خيراً بهذا النادي في تنشيط الحركة النقدية، لأن الأعمال الأدبية نشيطة ولا بد من قراءة نقدية موازية لها، واستقراء المشهد الثقافي لتفعيل دور النقد. ولكن العتب على المجلات الأدبية والصحف الثقافية لأنها مقصرة في النشر ولا تستقطب القراءات النقدية للنقاد، ولا بد من وجود صفحة تعنى بالنقد الأدبي حتى تتشكل عند المتلقي الذائقة الفكرية الأدبية. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©