إبراهيم الملا (الشارقة)
«استثمار الطاقة التخيّليّة»... تكاد تكون هذه العبارة هي كلمة السرّ، أو المفتاح الذهبي لدى الكاتب العالمي، الأميركي الجنسية «كوبي يامادا»، للعمل على تحفيز الملكة الإبداعية والشحنة التأملية لدى القرّاء من الأطفال والناشئة، حيث يقدّم يامادا تجربة نوعية يجسّدها أسلوبه في الكتابة الموجهة للأطفال، ورؤيته الخاصة في إنتاج مؤلفاته المتضمنة رسوماً تعبيرية ولوحات فنية لا تنفصل بمحتواها البصري عن المكوّن السردي لنصوصه المتميزة بانشغالاتها الفلسفية وأفكارها الواقعية والمستقبلية، وقد أهلته مؤلفاته للوصول إلى قائمة الكتب الأعلى مبيعاً، وفق صحيفة «نيويورك تايمز»، بما في ذلك الكتب المصورة الحائزة جوائز عدة مثل كتاب «ماذا تفعل بفكرة».
يشغل كوبي يامادا أيضاً منصب الرئيس التنفيذي لشركة «كومبينديوم»، والتي تسعى لاكتشاف آفاق جديدة للإبداع الإنساني، لأنها تنطلق من مقولة ترى أن «الحياة ربما تكون أجمل ممّا نتخيّل».
أعمال مُلهمة
عمل كوبي يامادا، لمدة 25 عاماً في تأليف الأعمال الأدبية الملهمة في سياق إبداعي ممتد ومتنوع، لكن أحدث مجموعة من كتب السلاسل الثلاثية التي نشرها أحدثت ثورة في قائمة أفضل الكتب مبيعاً، وعناوين هذه الكتب على التوالي هي «ماذا تفعل بفكرة؟»، «ماذا تفعل بمشكلة؟»، وآخرها، «ماذا تفعل بالفرصة؟»، ليجعل العملية الإبداعية تنبض بالحياة حتى نتمكن من فحصها من جميع الزوايا، وفي جميع الكتب الثلاثة، تعد الرسوم التوضيحية جزءاً لا يتجزأ من القصة، وهي رسوم تعتمد بشكل كبير على الضوء واللون والتصميم، مما يضفي على القصص معنى أعمق، ووعياً أكثر إشراقاً.
وعن كتابه «ماذا تفعل بفكرة؟»، يقول يامادا: إنه كتاب يتناول حياة طفل لديه فكرة ولكنه ليس متأكداً مما يجب فعله بها.. في البداية، تم ترهيبه، ولكن مع مرور الوقت تهيمن عليه هذه الفكرة، وتصبح صديقته بالمعنى الحرفي للكلمة، وبينما يهتم بها، تتفتح الفكرة وتستمر لتغيير العالم.
يتناول الكتاب أيضاً المقاومة التي يبديها العالم التقليدي ضد الأفكار الجديدة، وكيف يمكننا تجاوز شكوكنا والانتقادات الموجهة إلينا عندما نتمسك بأفكارنا باقتناع، مشيراً إلى أنه عند السماح لأفكار الأطفال بالظهور ورعايتها قليلاً قبل الحكم عليها، فإننا نمنحهم الفرصة ليصبحوا عظماء.
أما في كتابه «ماذا تفعل بالمشكلة؟»، فيسلط يامادا الضوء على الخوف الناشئ من مواجهة المشاكل.. تبدأ القصة باللونين الأبيض والأسود حيث يتابع الطفل قلقه ذهنياً، وعندما يقرر مواجهة خوفه ومعالجة المشكلة، يجد في دواخله فرصاً مذهلة، ويخلص الكتاب إلى أن الدرس المستفاد هو أن داخل كل مشكلة فرصة ممكنة إذا كنا على استعداد للبحث عنها.
ويعتبر هذا الكتاب في الأساس مقدمة لأهمية التفكير الإبداعي، عندما نتدرب على قدراتنا على التفكير الإبداعي -التفكير في أفكار جديدة- يكون لدينا المزيد من الحرية والمرونة، وعندما تطرح المشاكل نفسها، نعلم أنه يمكننا تطبيق تفكيرنا الإبداعي لإيجاد العديد من الحلول.
وأخيراً نرى في الجزء الختامي من الثلاثية، وتحت عنوان «ماذا تفعل بالفرصة؟»، اتباع النهج المعاكس لما تفعله بمشكلة، حيث يتم منح الطفل على الفور فرصة ذهبية، تماشياً مع تراتبية السلسلة، وصولاً للشجاعة التي يكتسبها الطفل مع تطور السرد والصور، ليحلّ الأمل محلّ الخوف، وتتوالى الفرص الجديدة للابتكار والتصالح مع الذات.
انفتاح على التجربة
يلامس الكتاب في ختام الثلاثية أحد أهم محركات الإبداع، وهو الانفتاح على التجربة، ويظهر الدرس المستفاد من هذا الكتاب بوضوح في تفاني كوبي يامادا، للبوح المشجّع وهو يقول: «عندما يظهر شيء غير عادي في حياتك، أتمنى أن تراه على حقيقته، إنه بالنسبة لك: هدية».. بعبارة أخرى، ابق منفتحاً.
يعبّر كوبي أمادا عن سعادته بتحويل كتبه إلى أعمال فنية مُجسَّدة، حيث تحول كتابة «ماذا تفعل بفرصة؟»، إلى عرض راقص في مدرسة تانر للرقص بمدينة سالت ليك، وقال: «لقد كان ملهماً للغاية بالنسبة لي أن أرى هذا لأنه يوضح إحدى نقاط الكتاب.. إن الأفكار الجديدة يمكن أن تبني على الأفكار المُسبَقَة».
مضيفاً أن العديد من الأطفال باتوا متمكنين من خلال قراءة الكتب لأنها تساعدهم على رؤية مواهبهم وتوجيه طاقاتهم، حيث قام شاب في كاليفورنيا بإنقاذ الضفادع المهددة بالانقراض بعد أن قرأ كتاب «ماذا تفعل بفكرة؟»، موضحاً أن الأطفال يعيدون النظر في المفهوم الذي يهمهم.
ويطمح يامادا إلى تحويل كتبه إلى أفلام سينمائية، مؤكداً أن التنوع في الأساليب التعبيرية يوسّع الآفاق الإبداعية لدى الأطفال، كما يمكنك من خلال منصات العرض البصرية هذه أن ترى ما يمكن أن تفعله فكرتك للعالم، ولك، ومدى متعة الحياة مع فكرتك، قائلاً: «نريد للأطفال أن يكونوا قادرين على الانتقال من امتلاك فكرة في رؤوسهم إلى امتلاكها في قلوبهم.. عندما تحب شيئاً ما، فإنك تحميه».