نوف الموسى (دبي)
تركزت الأسئلة الأولى عبر جولة الإعلاميين لمكتبة محمد بن راشد، صباح أمس، حول طبيعة الفضاءات العامة وتشكلاتها في الحياة اليومية لزوار المكتبة، وإمكانية تعزيز الارتباط الفكري والثقافة المجتمعية، باعتبار أن المكتبة تُشكل معلماً استثنائياً قادراً أن يبدع لغة متفردة وخاصة في إحداث حوار عالمي، مع مختلف المعارف المستقبلية، إلى جانب كونها نقطة اتصال مباشرة وتفاعلية مع مجتمع المكتبات الدولية، وجميعها بمثابة رؤى جوهرية للأهداف الأساسية لآلية عمل المكتبات الـ9 الواقعة تحت مظلة مكتبة محمد بن راشد، اعتبرها د. محمد سالم المزروعي، عضو مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد، المدير التنفيذي، بوابات معرفية تفتح أفقاً جديدة لمستقبل المنطقة المحلية والعربية والعالمية، ومساحة واسعة لإثراء النقاشات ومواجهة التحديات وطرح الحلول، من خلال استباقية البحث والتحليل وبناء فرق العمل بمختلف التخصصات ذات الأثر الحيويّ، في مجال تطوير المشروعات الثقافية والمبادرات الإنسانية الشاملة، واستمراراً لتأصيل القيم الرئيسة لدولة الإمارات، الداعمة للمسيرة التنموية، بما يحفظ مكامن التاريخ الحضاري للدولة.
استعارة الكتب
تضمنت الجولة الإعلامية، إطلاع موسع على مسارين رئيسين في مكتبة محمد بن راشد، أولها: المحتويات ذات التقدير المعرفي لمختلف الأشكال والوسائط للكتب الورقية والرقمية، وثانيها: التقنيات الحديثة واستخداماتها في تسهيل تجربة الزائر، حيث تقدم المكتبة خدمة استعارة الكتب، بشكل آلي، انطلاقاً من مساحات من شأنها توفر وقت للقراء، إضافة إلى كونها متسعاً معمارياً يتيح أكبر قدر ممكن من الفضاء العام المفتوح، ما يسهل حركة الزوار بين مختلف المكتبات والأقسام العامة والخاصة.
وذكر د. المزروعي، أنه عند الإطلاع على الجهود المبذولة من قبل فريق العمل، في تجميع أكبر قدر ممكن من الكتب المحلية تحديداً، والتي وصلت تقريباً لنحو أكثر من 37 ألف كتاب، ضمن مجموعة «مكتبة الإمارات» المختصة بالإنتاج المرتبط بتاريخية ومكانة الدولة، فإنه لا يزال يحتاج المزيد من البحث والتوثيق، وبالأخص الكتب التي أنتجتها المؤسسات المحلية، في أزمنة تاريخية مختلفة قبل وبعد قيام الاتحاد، لدلالتها المهمة في إعطاء صورة شاملة وعامة لطبيعة التشكلات المجتمعية وما تبعها من منجزات تضاهي كبرى دول العالم.
ذخائر المكتبة
تضمنت الجولة زيارة للقسم الخاص بـ «ذخائر المكتبة»، المعني بعملية تطور الخط العربي، والازدهار غير المسبوق لفنون الكتابة في الأراضي الإسلامية بداية من القرن الـ 7 الميلادي، حيث تعرض مكتبة محمد بن راشد مجموعة من المخطوطات، بشكل مجزأ، وتتكون غالباً من رقع مفردة مرتبة بتنسيق أفقي، ومكتوبة بالحبر الأسود أو البني مع الحد الأدنى من علامات التشكيل، منها «رقعة جلد من القرآن الكريم، على الأرجح الدولة الأموية بالأندلس، 403 هـ/ 9-10م»، وهي مهداة من معالي محمد المر رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، وكذلك من بين المعروضات «مصحف من العهد العثماني 1841-1842»، مكتوب بخط النسخ المجود، أهداه محمد طيب خوري، لمكتبة محمد بن راشد.
جاءت بعض الاستفسارات الإعلامية، حول الرابط الفعلي بين جّل المكتبات وتأثيرها مجتمعياً، فمثلاً مكتبة الشباب ومكتبة الطفل، هل سيلعبان دوراً في بناء التراكم وامتداد العلاقة بين المساحة العمرية للأشخاص والمتطلبات المعرفية، بمنهجية تضمن الارتباط الحسيّ بالمكان، ومنه ما ناقشه د. المزروعي، في توفير الألعاب الحيّة في داخل المكتبة، مؤكداً أن الأنشطة المكتبية والدورات التعليمية والترفيهية بتنوعها واختلاف سياقاتها وتوجهاتها، ستتيح للزائر أن يستوعب جوهر المكتبة، فعندما نشاهد مكتبة الفنون والإعلام، أو مكتبة المجموعات الخاصة، هي في عمومها تحمل بعداً تخصصياً، إلا أن المكتبة ستسهم في اندماج الجمهور متجاوزة فعل التخصصية إلى أسلوب المعرفة المتاحة للجميع.
تأتي مكتبة محمد بن راشد، كأحد أفضل المكتبات الصديقة لأصحاب الهمم، بحسب د. المزروعي، حيث توفر خدمات برايل لذوي التحديات البصرية من المكفوفين، في إطار استراتيجية المكتبة لدمج هؤلاء المبدعين بالمجتمع، وحديث المزروعي، ينقلنا بشكل آني إلى عمارة المكتبة التي بدورها تصيغ حضور كامل للشمس والماء، وتهدي الزوار والقراء مشهدية بصرية أخاذة قادرة على أن تروي تجربتنا الحضارية والإنسانية نحو المزيد من الارتقاء والتطور.