سعد عبد الراضي (الاتحاد) عن عمر يناهز 88 عاماً توفي اليوم، الجمعة 20 مايو، الشاعر العراقي الكبير مظفر النّواب في مستشفى الشارقة التعليمي. وُلد مظفر النواب في العاصمة العراقية بغداد عام 1934 في أسرة ثرية أرستقراطية تتذوق الفنون، وكان بيت العائلة المطل على نهر دجلة مقصد العديد من الشعراء والفنانين والساسة. ويعد النواب من شعراء العراق البارزين ضمن جيل الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، وقد تميز بشعرية غير مألوفة نظراً لخروجه عن القوالب المعتادة والموضوعات المختلفة واستخدام اللغة الشعرية المتخففة من بعض قيم الشعر المتعارف عليها، تلك القيم التي قد تمدح بما يشبه الذم أو تذم بمايشبه المدح، وبعيداً عن ذلك، جاء شعره العاطفي والغزلي، وخاصة باللهجة العامية، حافلاً بجماليات وسمات تعبر عن موهبته كبيرة وتعلق بالحب وإقبال على الحياة.
شاعر منذ الصغر برزت موهبة النواب منذ طفولته حيث اكتشف معلمه هذه الموهبة وهو في الصف الثالث الابتدائي، ثم بدأ في نشر قصائده وهو في المرحلة الإعدادية من خلال مجلات حائطية طلاب مدرسته يحررونها بإشراف معلميهم. وفي المرحلة الجامعية في كلية الآداب تعرضت أسرته الثرية إلى أزمة مالية فقدت بسببها ثروتها وبيتها البديع على نهر دجلة، وربما كان في ذلك السر وراء انحيازه للبسطاء بعدما أصبح واحداً منهم بحكم الأمر الواقع!
مصاعب الحياة وفي عام 1958 تم تعيينه مفتشاً فنياً بوزارة التربية في بغداد، فأتاحت له تلك الوظيفة فرصة تشجيع ودعم الموهوبين في مختلف الفنون الجمالية، ثم عاش بعد ذلك حياة مليئة بالمصاعب بسبب لغته الشعرية المنسلخة من المألوف البلاغي للشعر العربي الذي تعتمد على توصيل الرسالة في قالب رمزي أو بياني مغلف بعيداً عن اللغة الجارحة والألفاظ الحادة والتعبيرات الحدية، وتسبب ذلك في كثرة تنقله من بلد إلى بلد كبيروت ودمشق التي عاش فيها فترة طويلة. هذا مروراً بعواصم عربية وأوروبية أخرى عديدة، وعاد النواب إلى العراق لأول مرة عام 2011 ولكنه ظل ينتقل بين بغداد ودمشق وبيروت. وقد تناغمت شعرية النواب طول حياته مع قدرته على جذب الجمهور من خلال إلقائه المتميز للشعر.