20 مايو 2022 20:00
إبراهيم الملا (الشارقة)
«استثمار الطاقة التخيّليّة» تكاد تكون هذه العبارة هي المفتاح الذهبي لدى الكاتب كوبي يامادا للعمل على تحفيز الملَكة الإبداعية والشحنة التأملية لدى القرّاء من الأطفال والناشئة المشاركين في الدورة الـ13 من مهرجان الشارقة القرائي، أحد أهم وأكبر المهرجانات الإقليمية المعنية بتعزيز ثقافة الطفل وتطوير علاقته بعالم الكتب، قراءةً وإنتاجاً وتفاعلاً.
ومن ضيوف المهرجان كوبي يامادا، الذي سيشارك ضمن البرنامج الثقافي، ليعرض أسلوبه في الكتابة الموجهة للأطفال، ورؤيته الخاصة في إنتاج مؤلفاته المتضمنة رسوماً تعبيرية ولوحات فنية لا تنفصل بمحتواها البصري عن المكوّن السردي لنصوصه المتميزة بانشغالاتها الفلسفية وأفكارها الواقعية والمستقبلية، وقد أهلته مؤلفاته للوصول إلى قائمة الكتب الأعلى مبيعاً، وفق صحيفة: «نيويورك تايمز»، بما في ذلك الكتب المصورة الحائزة جوائز عدة مثل كتاب: «ماذا تفعل بفكرة».
ويشغل يامادا أيضاً منصب الرئيس التنفيذي لشركة «كومبينديوم»، التي تسعى لاكتشاف آفاق جديدة للإبداع الإنساني لأنها تنطلق من مقولة إن الحياة ربما تكون أجمل ممّا نتخيّل.
عمل يامادا 25 عاماً في تأليف الأعمال الملهمة ولكن أحدث مجموعة من الكتب الثلاثية التي نشرها أحدثت ثورة في قائمة أفضل الكتب مبيعاً، وعناوين هذه الكتب على التوالي: ماذا تفعل بفكرة؟ ماذا تفعل بمشكلة؟ وماذا تفعل بالفرصة؟ ليجعل العملية الإبداعية تنبض بالحياة. وفي جميع الكتب الثلاثة، تعد الرسوم التوضيحية جزءاً من القصة. وهي رسوم تعتمد على الضوء واللون والتصميم، ما يضفي على القصص معنى أعمق، ووعياً أنقى.
وعن كتابه: «في ماذا تفعل بفكرة؟» يقول يامادا إنه كتاب يتناول حياة طفل لديه فكرة ولكنه ليس متأكداً مما يجب فعله بها. وفي البداية، تم ترهيبه، ولكن مع مرور الوقت تهيمن عليه هذه الفكرة، وتصبح صديقته بالمعنى الحرفي للكلمة، وبينما يهتم بها، تتفتح الفكرة وتستمر لتغيير العالم.
ويتناول الكتاب أيضاً المقاومة التي يبديها العالم التقليدي ضد الأفكار الجديدة، وكيف يمكننا تجاوز الشكوك والانتقادات الموجهة إلينا عندما نتمسك بأفكارنا باقتناع، مشيراً إلى أنه عند السماح لأفكار الأطفال بالظهور ورعايتها قليلاً قبل الحكم عليها، فإننا نمنحهم الفرصة ليصبحوا عظماء.
أما في كتابه: «ماذا تفعل بالمشكلة؟» فيسلط يامادا الضوء على الخوف الناشئ من مواجهة المشاكل. وتبدأ القصة باللونين الأبيض والأسود حيث يتابع الطفل قلقه ذهنياً. وعندما يقرر مواجهة خوفه ومعالجة المشكلة، يجد في دواخله فرصاً مذهلة، ويخلص الكتاب إلى أن الدرس المستفاد هو أن داخل كل مشكلة فرصة ممكنة إذا كنا على استعداد للبحث عنها.
ويعد هذا الكتاب في الأساس مقدمة لأهمية التفكير الإبداعي. وعندما نتدرب على قدراتنا على التفكير الإبداعي -التفكير في أفكار جديدة- يكون لدينا المزيد من الحرية والمرونة. عندما تطرح المشاكل نفسها، نعلم أنه يمكننا تطبيق تفكيرنا الإبداعي لإيجاد العديد من الحلول.
وفي الجزء الختامي من الثلاثية، وتحت عنوان: «ماذا تفعل بالفرصة؟» اتبع يامادا النهج المعاكس لما تفعله بمشكلة، حيث يتم حض الطفل على الفور بفرصة ذهبية، تمشياً مع تراتبية السلسلة، وصولاً للشجاعة التي يكتسبها الطفل مع تطور السرد والصور، ليحلّ الأمل محلّ الخوف، وتتوالى الفرص الجديدة للابتكار والتصالح مع الذات.
ويلامس الكتاب في ختام الثلاثية أحد أهم محركات الإبداع، وهو الانفتاح على التجربة. ويظهر الدرس المستفاد من هذا الكتاب بوضوح في تفاني (كوبي يامادا) للبوح المشجّع وهو يقول: «عندما يظهر شيء غير عادي في حياتك، أتمنى أن تراه على حقيقته، إنه بالنسبة لك: هدية». وبعبارة أخرى، ابق منفتحاً.
ويعبّر يامادا عن سعادته بتحويل كتبه إلى أعمال فنية مُجسَّدة، حيث تحول كتابه «ماذا تفعل بالفرصة؟» إلى عرض راقص في مدرسة تانر للرقص بمدينة سالت ليك، وقال: «لقد كان ملهماً للغاية بالنسبة لي أن أرى هذا لأنه يوضح إحدى نقاط الكتاب - أن الأفكار الجديدة يمكن أن تبني على الأفكار المُسبَقَة»، مضيفا أن العديد من الأطفال باتوا متمكنين من خلال قراءة الكتب لأنها تساعدهم على رؤية مواهبهم وتوجيه طاقاتهم، حيث قام شاب في كاليفورنيا بإنقاذ الضفادع المهددة بالانقراض بعد أن قرأ كتاب: «ماذا تفعل بفكرة؟»، موضحاً أن الأطفال يعيدون النظر في المفهوم الذي يهمهم.
ويطمح يامادا إلى تحويل كتبه إلى أفلام سينمائية، مؤكداً أن التنوع في الأساليب التعبيرية يوسّع الآفاق الإبداعية لدى الأطفال. وقال: «نريد للأطفال أن يكونوا قادرين على الانتقال من امتلاك فكرة في رؤوسهم إلى امتلاكها في قلوبهم. عندما تحب شيئاً ما، فإنك تحميه».