فاطمة عطفة - ووام (أبوظبي)
نظمت أناسي للإعلام حلقة نقاشية ضمن برنامج موعد نقاش بعنوان «فن التوقيعات في العصر الأندلسي»، قدمها الدكتورأحمد عطية كبير الباحثين في التراث العربي المخطوط بمركز المخطوطات في مكتبة الإسكندرية، وذلك بحضور عدد من عضوات موعد نقاش والإعلاميين. يأتي البرنامج في إطار أنشطة وفعاليات السفارة الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم/الألكسو/ التابعة لجامعة الدول العربية.
بدأت الحلقة النقاشية بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم قدمتها شيخة بنت مبارك الخييلي، وقدم الفنان أنس الحلبي عزفاً موسيقياً على آلة «الهاند بان»خلال استقبال الحضور. تناولت الحلقة النقاشية التى أدارتها الإعلامية فاطمة النزوري عدة محاور: التعريف بالتوقيعات، ونشأتها، وقيمتها كجنس أدبي، ثم عرضٍ لبعضِ التوقيعات الأندلسية، وبيان أهمية دراستها. وتعد هذه الحلقة واحدة من سلسلة حلقات موعد نقاش الذي أسسته الشيخة اليازية بنت نهيان آل نهيان سفيرة الثقافة العربية لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الألكسو، في عام 2017 ليواصل أهداف أناسي للإعلام ومسيرتها، ويحقق نوعاً غير تقليدي من التواصل الفكري يعتمد على التفاعل بين عضوات الموعد عبر مشاركتهن في البحث والنقاش لخلق أجواء معرفية ممتعة تثري العقل والروح معاً، وذلك بمشاركة نخبة من الدكاترة والخبراء المختصين من كافة أرجاء الوطن العربي.
وتناول الدكتور أحمد خلال الحلقة النقاشية تعريف التوقيع ومعناه الاصطلاحي ونشأة فن التوقيعات والتوقيعات الأندلسية.. موضحاً أن العرب حملوا معهم إلى الأندلس جميع علومهم وفنونهم التي تشكَّلت منها ثقافتهم، فنقلوا الشعر والغناء والموسيقى والخطابة والرسائل والتوقيعات وغير ذلك.. لافتاً إلى أن التوقيعات ظهرت متأخرة نسبياً في الأندلس، لأنها مرتبطة باستقرار الدولة، أو بالأدق مرتبطة بالكتابة الديوانية التي ترعرع في رحابها هذا الفن، ومرحلة الاستقرار هذه لم تتحقق إلا في عهد الإمارة الأموية، والذي بدأ بعبد الرحمن الداخل سنة 138 هجرية.
وكان عبد الرحمن الداخل ممن اشتهر بالفصاحة والبلاغة وبكتابة التوقيعات الحسنة البليغة، ويذكر ابن عذاري في كتابه «البيان المغرب» أنَّ عبد الرحمن الداخل كان فصيحاً، بليغاً، حسن التوقيع، جيد الفصول، مطبوع الشعر. وعن قيمة وأهمية التوقيعات.. قال المحاضر تتجلى قيمتها باعتبارها أحد الفنون الأدبية في تراثنا العربي، ومن ذلك توقيعات جعفر بن يحيى على ما كان يُرفع للرشيد من كُتب وقصص، حيث كانت توقيعاته غاية في البلاغة.. لافتاً إلى أنَ دراسة مصادر فن التوقيعات تمدنا بمعلومات مختلفة عن مظان هذا الفن، وبيان المساحة التي شغلها في كتب الأدب والأخبار المختلفة، وبناء على هذه المساحة يتوقف بيان المكانة التي تبوأها هذا الفن بين فنون الأدب المختلفة، وهي مكانة لا تنسجم على الإطلاق مع حالة عدم اكتراث الدرس الأدبي الحديث بفن التوقيعات. وأضاف أن دراسة المصادر لفن التوقيعات الأندلسية من شأنها أن تثير هذه المفارقة، وتطرح هذا التساؤل الذي يضع على كاهل الدرس الأدبي الحديث الإجابة عنه، ما السبب الذي من أجله لم يتبوأ فن التوقيعات في عمومه المكانة التي يستحقها في حياتنا الأدبية؟.. موضحاً أن السبب الحقيقي أنَّ هذا الفن ارتبط ارتباطاً وثيقاً - في الأغلب منه - بالحياة السياسية، ولما كانت تلك الحياة متغيرة بين عشية وضحاها، فقد تأثر فن التوقيعات بهذا التغيير، وكان أول ما يؤتي عليه من ثمار هذا التغيير هو محاولة طمس ما نتج عن الحياة السياسية التي قامت الثورة عليها.