محمود إسماعيل بدر (الاتحاد)
يحتفل كثيرون حول العالم في الرابع عشر من فبراير من كل عام بـ«الفلانتاين» المعروف بـ«عيد الحب»، في مناسبة يعبّر فيها البعض عن شعورهم بالوفاء تجاه الآخرين بأشكال وصور مختلفة، وهنا ومن زاوية الأدب قد لا نجد أفضل من الشّاعر والمسرحي الإنجليزي الشهير وليم شكسبير (1564-1616) تعبيراً عن هذه الحالة والثيمة المتكررة وبصور فنّية تعبيرية وصفية فريدة، نجدها في معظم مسرحياته. فقد قال رائد الأدب الانجليزي الحديث من خلال أعماله الخالدة أجمل ما قد يؤثر في قلب إنسان ويجعله يرى قيمة الحب الصادق في عينيه حين يقرؤها، على نحو ما جاء على لسان هاملت، مثلاً، مخاطباً حبيبته أوفيليا: «إنني أشك في أن النجوم تحترق، وأشكّ في أنّ الشمس تتحرك، وفي الحقيقة قد تكون كاذبة، ولكن لا أشكّ أبداً في أنني أحبك».
حب مختلف
والحب في مسرح شكسبير قد يبدو مختلفاً عمّا نعهده، فقد كان شفّافاً في مزجه بين الحب اللطيف وغير المتبادل والوجداني، منفرداً عن أدباء زمنه بحذره من التمثيلات ثنائية الأبعاد والنموذجية للحب، لأنه بمهارة كان يستكشف الحب باعتباره أحياناً جزءاً غير مثالي من الحالة الإنسانية، لأن: «الغيرة وحش ذو عيون خضراء»، وهي مقولة ذائعة اختتم بها رائعته «عطيل»، لتتجلّى في أذهان الأدباء والشّعراء ضمن أجمل ما قيل عن الغيرة في الحبّ. ومثل ذلك أيضاً قوله إن «ساعتنا في الحبّ لها أجنحة ولها في الفراق مخالب».
روميو وجولييت
وفي مسرحيته «روميو وجولييت»، أشهر قصة حب كلاسيكية غربية كتبت على الإطلاق، يتعامل شكسبير مع ثيمة الحب بصورة بارعة، وتوازن بين التمثيلات المختلفة، وصولاً إلى تحقيق فكرة المصالحة ونبذ الكراهية والتّطرّف بين عائلتي روميو وجولييت، المتخاصمتين في عداء قديم، وذلك بعد موت العاشقين غير النّاضجين. أما في إحدى أهم سوناتاته المسرحية بعنوان «الكثير من اللغط حول لا شيء» فنلمح خواء خطاب الحب الرومانسي، وهو الأمر الذي يكشف من خلاله ما يعتبره زيف ثقافة بعض الطبقات المخملية حينما تتعامل مع هذه الثيمة باعتبارها أموالاً وكنوزاً ومباهج حياة فقط.
رومانسية المسرح
كلمات شكسبير، بصفته الشاعر والمسرحي الأكثر رومانسية في أدب المسرح، عن الحب، تسربت إلى الثقافة الشعبية، فعندما نفكر في هذه الثيمة التي ما زالت البشرية تبحث عنها، يتبادر إلى الذهن اقتباس شكسبير على الفور «إذا كانت الموسيقى هي طعام الحب، فاستمر في اللعب على نغمات القلب». وكذلك قوله الشهير «ثلاثة أمور تزيد المرأة جمالاً: الأدب والعلم والخلق الحسن»، ولعل هذا ما تعكسه مسرحيته «العاصفة» التي تمجد الإرادة الإنسانية في الحب بعيداً عن المصالح الذاتية، والتي يؤكدها أيضاً من خلال مسرحيته «ترويض النمرة» وكيف ينجح الحب في تحويل بطلتها من فتاة شرسة متمردة إلى فتاة رقيقة تحب الحياة والناس. وفي «الليلة الثانية عشرة»، وهي كوميديا غنائية، نجد شكسبير يمجد منظومة الأخوة الإنسانية، في مقابل ما تطرحه مسرحية «تاجر البندقية» من أمور تتعلق بالحب المزيف بين الثروة والعزلة وفكرة الانتقام والمتاجرة بالعواطف البشرية.