فاطمة عطفة (أبوظبي) «أعمل (سكيب) للرواية قبل أن أبدأ بالكتابة بحيث يكون عندي ملف لكل شخصية. على الكاتب أن يقترب من شخصيات عمله ليكتب عنها». هكذا أوضح الروائي الكويتي د. طالب الرفاعي عن ملامح العمل الروائي عندما يبدأ بالتفكير فيه. جاء ذلك خلال مناقشة روايته «خطف الحبيب»، خلال جلسة (أونلاين) في صالون «الملتقى» بأبوظبي، وأضاف الرفاعي لافتاً إلى أن قرب الكاتب من أبطاله ضروري، ثم تأتي بعدها التفاصيل الأخرى التي تحتاج قراءات كثيرة حتى يستطيع الكاتب أن يلامس الهم الإنساني. أدارت جلسة النقاش مؤسسة «الملتقى» أسماء صديق المطوع مرحبة بالكاتب والمتابعات للجلسة، وأشارت إلى أن رواية «خطف الحبيب» ترصد التحولات التي اعترت مجتمعاتنا في نصف القرن الأخير، وقدمتها برؤية فنية واقعية، إذ يدخل طالب الرفاعي بروايته إلى أعماق كل بيت عربي يعاني أزمات الحياة الحديثة والاستهلاك واللهاث وراء المال والنجاح، ليكشف عن كثير من المسكوت عنه، مما نعيشه وننكره تماماً، مثل عائلة بطل الرواية يعقوب، رجل الأعمال الناجح الذي تبدأ معرفتنا به بكابوس يراه في الصفحات الأولى، ويستمر الكابوس مصاحباً للقراءة طيلة الرواية، من خلال بناء مركب متعدد الأبعاد يوازي التعقيدات الموجودة في الواقع، يظهر فيه يعقوب تارة كرجل أعمال، وتارة كصديق، وتارة كزوج، وتارة كمحب. ومع تقدم الأحداث في الرواية، يعرف القارئ أن يعقوب لم يكن يدرك نفسه إلا كأب مذعور على ولده الغائب.
وتابعت المطوع أن الرواية تدور في خطين فنيين لعب عليهما الروائي، وهما فضح المشكلات الاجتماعية للأسر الحديثة ولكثير من الشخصيات التي تعيش بيننا ولها نجاحاتها المدوية، وفي الوقت نفسه لها أخطاؤها المرعبة. أما الخط الثاني فهو كيف ظهر التطرف والإرهاب في مجتمعاتنا والتهم معه الكثير من الشباب. يقول طالب الرفاعي في الصفحة 121: «في ظل انكسار القوميين بهزيمة 67 وتبعثرهم، واستبعاد جهود التنوير العصرية وتشتتها، وغياب الطرح الاجتماعي الإنساني، اقتنص بعض أصحاب الإسلام السياسي الأصولي الفرصة، وتغلغلوا برداء الدين في ثنايا المدرسة والمسجد». وتتعرض الرواية لأحمد، الابن المدلل القريب من أبيه يعقوب ويتحول إلى إرهابي. ويوضح الكاتب عبر ثنائية الفقد والاستعادة التي يتراوح يعقوب بينهما كيف تحول شاب ثري إلى إرهابي، ويناقش وضعية المجتمع الكويتي الذي كان يعيش كأغلب مجتمعات الوفرة بمعزل عن المآسي التي تنتج الإرهاب. ومن خلال شخصية أحمد نتعرف على كيفية صعود الإسلام السياسي في منطقتنا وكيف تسلل لعقول الشباب الصغار، بحيث لم تفقد الأحداث الخاصة في الرواية اتصالها بالوضع السياسي العام فأرخت للأحداث الكبرى في المنطقة مثل الحرب العراقية الإيرانية والغزو العراقي للكويت. وقد استخدم د. الرفاعي تقنية سردية مميزة. ويعقوب طرح العديد من الأسئلة على نفسه ليكشف عن مسارات حياته وعلاقاته بشيخة زوجته وفرناز الموظفة التي أعجب بها وأولاده وأصدقائه. وكان قد اختار الكاتب أن تطبع الرواية في كل بلد عربي، وأوضح أنه مهموم جداً كيف يصل إنتاجه للقارئ العربي، مبيناً أنه وجد أولاً اعتراضاً كبيراً من دور النشر. لكنه عندما اقترح أن تنشر الرواية من دون أي مردود مادي، واكتفى بعشرين نسخة تصله من كل دار نشر قبلت بالعرض. وهكذا تم نشرها في جميع الدول العربية، وعبر عن سعادته بأن تقرأ الرواية في كل بلد عربي. وعن عنوان الرواية، أكد الرفاعي أن العنوان يشكل دلالة عامة للرواية، وأشار النقاش إلى عنصر التشويق في العمل، إضافة إلى تناول علاقة الشباب مع عائلاتهم من أجل حمايتهم من مخاطر الجماعات المتطرفة.