فاطمة عطفة (أبوظبي)
رواية إنسانية مؤثرة تؤكد مكانة المرأة، حيث لا نسمع إلا صوتها عل مدى 176صفحة، ويأخذ الخيال دوراً كبيراً يؤكد على حلم الإنسان بالحرية ممثلاً بالرغبة في الطيران، ولا يتحقق هذا الحلم إلاّ بأن يكون «أخف من الهواء»، وهذا عنوان رواية الكاتب الأرجنتيني فيديريكو جانمير الحائز جائزة كلارين للرواية 2009 ترجمة محمد الفولي، وقد جرت مناقشتها أول أمس في مؤسسة «بحر الثقافة» بحضور رئيسة المؤسسة الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان، وعضوات المؤسسة اللواتي أجمعن على أهمية الرواية في تصوير الواقع الاجتماعي في الأرجنتين في أوائل القرن العشرين، من خلال سرد سلس جاء على لسان العجوز ليتا وعمرها 93 سنة، وهي تتحدث إلى الشاب سانتياغو (سانتي) الذي حاول أن يسرق ما لديها من نقود، فتخبره بأنها في خزانة الحمام، وحالما يدخل لأخذها تغلق عليه باب الحمام، وتبدأ تخاطبه باللوم والتعنيف أحياناً وباللطف والإرشاد تارة أخرى، مؤكدة أنه لن تفتح الباب حتى يستمع إلى قصة أمها الجميلة التي كانت ذات يوم تحلم بالطيران.
ومن حديثها إليه نعلم أن عمره 14 سنة، وأنه يعيش مع والديه في أسرة كبيرة وحالة بائسة، وهي تلومه على جهله وسلوكه، وتنصحه بعد الخروج أن يدخل المدرسة ليتعلم ويصبح رجلاً صالحاً، وتخبره أنها كانت مدرسة وتقدر أهمية العلم للأبناء من أجل تهذيبهم النفسي، وتواصل سرد قصة أمها التي كانت تحلم بالطيران وتسرد تفاصيل سعيها لتحقيق ذلك. وتنتهي قصة الأم التي جرت والعجوز ليتا كان عمرها سنة واحدة، حيث لا تتذكر شكلها بل تتخيلها، كما تحدث الشاب عن والدها الذي كان بشعاً جداً وهي تشبهه.
وجاء رأي الروائية مريم الغفلي أنها رواية «أخف من الهواء» حجماً، لكنها ثقيلة وزناً، بكل الحكم والحكايا والمعاني.. أحداث فورية وسرد من الماضي، والمكان واحد مع التنقل في الشارع نفسه، الخيال قوي جداً والتخيل والوصف متقن، رواية تستحق القراءة مرات أخرى، لأن أسلوب السرد وآلية تولد الحكايا والربط وطريقة الحوار مختلفة، ومن طرف آخر تأتي النهاية غير متوقعة كما هي البداية.
وخلال سرد القصة تقدم العجوز رقائق الخبز والبسكويت وشرائح اللحم، وهي تحدثه عن معالم الحياة الاجتماعية والفقر الذي يؤدي إلى انحراف الشباب وصعوبة الحياة إلى أن تأتي النهاية بأن تقع العجوز وينكسر الحوض وهي تحضر له شريحة اللحم وتفشل في إشعال الغاز المفتوح، وتحاول أن تتحرك بصعوبة بالغة لكي تغلقه وتنجح في ذلك بعد محاولات مؤلمة، ثم ترجع وتفتح الغاز لتكون نهايتها ونهاية الصبي. والسؤال الذي تردد في بعض المداخلات، هل وجد الصبي فعلاً أم هو من صنع خيالها؟.