السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

استراحات إبراهيم عبد المجيد بين الكتب والبشر

استراحات إبراهيم عبد المجيد بين الكتب والبشر
13 يناير 2022 01:10

إيهاب الملاح (القاهرة)

عقب الأزمة الصحية التي ألمت به في الأشهر الأخيرة، يعود الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد إلى قرائه وجمهوره بكتابٍ جديد يصدر على أعتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثالثة والخمسين، عن منشورات إبييدي «لندن».
أكثر من خمسين فصلاً موزعة على تسعة أبواب، تناولت شخصيات كتابٍ ومبدعين ونقاد، معاصرين وراحلين، وكتباً في مجالات شتى، وأفلاماً، وظواهر فنية يضمها الكتاب الأحدث لإبراهيم عبد المجيد بعنوان «استراحة بين الكتب كل هذا الحضور كل هذا الغياب».
يخوض الكاتب الكبير، تحت وطأة العزلة، رحلة بين حياتنا المحاصرة بأشياء كثيرة، ووفدت عليها الكورونا أيضاً وكيف اختلفت المشاعر تحت القيود، ورحلة بين فنانين وكتاب ملأوا حياتنا بالبهجة، ورحلة مع قضايا الأدب والسلطات في التاريخ والناس، ثم مع فن الرواية كرافدٍ عظيم للإبداع. رحلة (هل نقول رحلات على وجه الدقة؟) يقدِّم فيها الكاتب الكبير خلاصة عمره، مما رأى وعرف وأنجز وتعلم، وبينها استراحات مع كتبٍ ملهمة قرأها بشغف واستمتاع، وبها مرت الليالي الطويلة وانفتحت على نهارات الأمل المنتظر. إنها رحلة طال فيها العمر «الذي وقفتُ فيه على أرض ليست كالأرض، لكن لم ينزل بصري يوماً عن أمل في السماء».
يقول صاحب «عتبات البهجة» في مقدمة كتابه: «هذه مقالات عن الحياة والفن والأدب، وعن فنانين وأدباء ومفكرين. نشرتها بين عامي (2017-2021).. ليست كلَّ ما نشرت، لكني اخترتُ هنا ما يفتح النوافذ إلى السماء، أو ما أتصور أنه يفعل ذلك. انشغالي بكتابة الرواية لم يفصلني عن المشاركة بالرأي فيما حولي قط، أو حتى بالعمل حين كان هناك صحة وعمر متسع.. حاولت أن أجمع ما يقترب من بعضه منها، واحتفظت بالباقي ليومٍ آخر.
لم أكتب تواريخ كل المقالات، أكثر المقالات تأملات في قضايا عامة في الأدب والفكر والفن والحياة، وهذا هو ما يهمني، لذلك قسمتها بين الموضوعات. أو عن شخصيات أبدعت في كل هذه المجالات، فلا حاجة لأن أكتب تاريخ نشرها.
كذلك لم أحتفظ بتاريخ المقالات التي هي عن كتبٍ قرأتها، فالأصل ليس ما أكتبه لكنه الكتاب، وهو موجود. فقط تركت تاريخ ما اتصل بأحداثٍ محددة بصرف النظر عن ترتيب المقالات زمنيّاً لكن فقط لأذكرك بالحدث والمناسبة، أو ما اتصل برثاء للأحباء في نفس شهر الوفاة أو بعده بشهر.
أما الأحباء الذين طال على وفاتهم الزمن، فلم أكتب تاريخ النشر فذكراهم تهل في أي زمان، وكذلك ما كتبته عن الأحياء من الأحباء، تركته بلا تاريخ للنشر لأنهم يملأون فضاء الحياة».
بقلمه وأسلوبه الذي يصل إلى قلوب قرائه من السطر الأول، يمتعنا الكاتب والروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد في كتابه الجديد بهذه الاستراحات مع كتب وشخصيات يتناولها بعين الرائي البصير، الذي يتجاوز سطحية المشهد إلى النفاذ للعمق ومباشرة. جولات قرائية ممتعة بين بساتين ورياض أدبية وتاريخية وسياسية..
يأخذنا من كتابٍ إلى آخر، ومن شخصية إلى غيرها، من دون أن يفقد هو أو يفقدنا -نحن- شغفنا المتجدد بالمتابعة والمتعة، والرغبة في المزيد، يتنقل صاحب «ثلاثية الإسكندرية» بين الكتب والبشر والموضوعات، يقرأها نصوصاً يفك شفراتها ويحللها إلى أفكارها الأولى، وكما تتنقل النحلة النهمة بين الأزهار والرياحين تمتص الرحيق وتسيغه عسلاً هانئاً للشاربين..
وبموسوعيته المذهلة، نقرأ معه كتباً في الأدب والنقد والتاريخ والفنون، ويتوقف وقفات متأنية أمام بعض ما أخرجته المكتبة المعاصرة من كتب ودراسات عن ثورة 1919، وآثارها ونتائجها خاصة في السياسة والثقافة والفنون والآداب. ولا تمر أزمة الكورونا التي ما زالت تخيم بظلالها الثقيلة علينا، مرور الكرام فستكون وسيلة ومدعاة لتأملات نافذة وأفكار رائعة حول العالم الذي كان والعالم الذي سيكون!
ومن سعاد حسني إلى أم كلثوم، ومن يوسف شاهين إلى داود عبد السيد، ومن إدريس علي إلى مكاوي سعيد، يقرأ عبد المجيد البشر وحكاياهم كما يقرأ النصوص الممتعة والروايات المعجبة! ما أجمل أن يصطحبنا مرشد إبداعي وفني فذ في ربوع الآداب والفنون تحت مظلة ما أجمل الكتابة وما أروع الكلمة!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©