محمد نجيم (الرباط)
وصف الفنان المغربي والباحث في الجماليات محمد الزبيري، فوزه بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي في المركز الثاني بالحدث المهم في حياة كل مبدع وباحث، خاصة وأنها الجائزة الوحيدة المتخصصة في بابها عربياً، إلى جانب قيمتها العلمية، ومكانتها الكبيرة لدى المختصين، نظراً لاعتبارات منها أنها تحمل اسم الشارقة عاصمة الثقافة والفنون العربية والإسلامية، وكذلك استمراريتها وانتظامها، وتحكيم دوراتها من قبل نخبة من أبرز الأكاديميين المختصين العرب، ولما راكمته من أبحاث ودراسات، باتت مراجع محكمة، ذات صدقية علمية كبيرة، لا غنى عنها لكل دارس مختص أو باحث مهتم بهذا الميدان، خاصة وأنها نجحت في تأدية الدور الذي أنشئت من أجله، حيث سدت فراغاً مهولاً كانت تشكو منه المكتبة العربية في هذا الصنف من البحث الفني.
وقال الزبيري لـ«الاتحاد»: «الجهة المسؤولة عن الجائزة في دائرة الثقافة، في مستوى التحديات، وواعية بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، خاصة وأنها تشرف على جائزة فريدة، تستمد أهميتها من كونها تشكل لبنة من لبنات ذاك الصرح الحضاري العظيم، الذي أرسى دعائمه باني نهضة الشارقة ورمز عزتها، وراعي الثقافة والفنون على الصعيد العربي والإسلامي، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة». مضيفاً أن «الجهة المسؤولة عن الجائزة، كانت موفقة في اختيار موضوع الدورة الحالية على أكثر من صعيد، لا سيما وأنه يتزامن مع احتضان الشارقة لمهرجان الفنون الإسلامية، واحتضان الإمارات معرض إكسبو 2020 دبي، الذي أعتبره جامعة مفتوحة، تقدم دروساً ميدانية تطبيقية، على علاقة بموضوع الدورة الحالية لجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي، حيث تتماهى في أروقته السينوغرافيا مع الفن التشكيلي».
وعن الخطوط العريضة لبحثه، الذي فاز بالمركز الثاني، قال: «حاولت من خلاله مقاربة تلك المسافة، من خلال جوانب عدة، كتِبيان طبيعة العلاقة الجدلية بين الفن التشكيلي والسينوغرافيا، ومواكبتها منذ عصر الإغريق، مروراً بمختلف المراحل التي مرت بها، مع رصد تمظهرات كل ذلك وانعكاسات آثار تلك العلاقة على كل من الفن التشكيلي والسينوغرافي»، موضحا «ضم البحث ثلاثة فصول، تتضمن خمسة عشر مبحثاً، فضلاً عن مقدمة وتمهيد وخاتمة».
وتفصيلاً اشتمل الفصل الأول على خمسة مباحث، خصص الأول للإطار المفاهيمي والاصطلاحي، والثاني للمسار التاريخي لتطور علاقة الفنون التشكيلية بالسينوغرافيا، والثالث لمقاربة ارتباط الحقلين عضوياً، والرابع لرصد آثار تطور مذاهب الفنون التشكيلية وانعكاساتها على السينوغرافيا، وما يستخلص من ذلك بخصوص ارتباطها بالتشكيل. أما الخامس فقد حاول مقاربة الصورة من منظوري التشكيل والسينوغرافيا، كقاسم من القواسم المشتركة التي تختزل المسافة بينهما.
وضم الفصل الثاني على خمسة مباحث أيضاً، الأول منها قارب العلاقة بين التشكيل والسينوغرافيا من خلال الرسم. بينما المبحث الثاني وقف على عنصر الضوء، كقيمة مشتركة بين التشكيل والسينوغرافيا، في حين عالج المبحث الثالث المسافة بين الحقلين من منظور التوازي، وحتى التماس بينهما. أما المبحث الرابع فقد بلور تطور العلاقة بين التشكيل والسينوغرافيا، منذ أن كان الفن التشكيلي مواكباً للسينوغرافيا عبر مراحل تطورها، إلى أن أصبحت بعض عناصره وقيمه قارة في الفضاء المسرحي، متماهية مع السينوغرافيا. واختتم هذا الفصل بمبحث خامس، رصد الدور المشترك لكل من السينوغرافيا والتشكيل في تألق الصورة السينمائية.
بينما خصص الزبيدي الفصل الثالث والأخير، المشتمل على خمسة مباحث، لتتبع مسار السينوغرافيا عربياً، وعلاقتها بالفن التشكيلي، وتجليات ذلك من خلال دراسة وطرح بعض التجارب العربية الناجحة والقليلة في هذا الباب، مع تقديم تجربة المسرح الصحراوي بالشارقة كنموذج.