محمد عبد السميع (الشارقة)
نظّم المكتب الثقافي والإعلامي التابع للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، مؤخراً، ندوةً في صالون الشارقة الثقافي، حول تجربة صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في كتابة المسرح التاريخي، من خلال أعمال وُصفت بأنّها «ذات إسقاطات لافتة وتقرأ الحدث التاريخي برؤية معاصرة».
وشارك في الندوة المخرجان أحمد الجسمي ومحمد العامري، وتناولا محاور منها، صلاحيّة النصوص وما تشتمل عليه من قراءات ذكيّة في مجريات التاريخ واستلهاماته الأساسيّة، وحرص سموه على وصول فكرته إلى المتلقي، ضمن احترام الجانب الجمالي في العناصر الفنيّة والإخراجيّة للعمل.
وتطرقت الندوة إلى ميزة الإسقاط التاريخي كعمل مسرحي، ورؤية صاحب السّمو الشيخ القاسمي في أنّ التاريخ يعيد نفسه، مستذكرين مسرحيات ذات إرهاصات وجذور قديمة، عبّرت من منظور كاتبها عن واقع معيش، مثل مسرحيات «عودة هولاكو»، و«القضيّة»، و«النمرود»، وغيرها من الأعمال، واهتمام القاسمي باللغة العربيّة ومعناها فيما يكتب، ومتابعته للحوار وانتقالات المخرجين في هذه الأعمال من مشهدٍ لآخر.
وتمّ الحديث عن اختصار مسرحيات القاسمي واختزالها لكلّ ما يجري عربيّاً وعالمياً، كونها معادلاً موضوعيّاً «نورانيّاً»، يقف منها الكاتب موقف الناقد والناظر في أحوال كثيرة، مثل تحذير سموّه من الجانب الظلامي وأجنداته البعيدة عن فكر الإسلام الصحيح والتفسير الحقيقي للقرآن، كما في مسرحيّته «كتاب الله»، التي أثراها بحكمته وقراءاته المستمرة، ما أثرى فريق العمل الإخراجي والأدائي أو التمثيلي، كدعوة لفهم الجمال والأداء التعبيري الرصين، في الاهتمام بقراءة التاريخ من جديد واستيعاب تفاصيله وفهم التقاطات صاحب السّمو القاسمي، من خلال ورشات متخصصة وبحث مستمر في جوانب حيويّة.
وساق المتحدثان الجسمي والعامري، من خلال تعاملهما مع نصوص صاحب السّمو الشيخ القاسمي، مواضيع تتعلّق بدأب سموّه على الناقش والحوار الموضوعي وحضوره البروفات بشكل جاد، وصولاً لإفادة الجمهور من خلال اللغة المباشرة في العمل المسرحي، من دون أن يمنع ذلك من التحليق في الإبداع المسرحي وعناصره المعروفة، خصوصاً وأن سموّه يدرك الحاجة الكبيرة اليوم للمسرح التاريخي الذي يغيب عن الساحة المسرحيّة العربيّة، ويكاد يحلّ محله المسرح التجاري، كما أضاءت الندوة على الملحمة التاريخيّة السينمائية التي كتبها القاسمي في فيلم «خورفكان» والفترة النضاليّة المهمّة في تاريخ الشارقة آنذاك.
وتطرقت الندوة كذلك إلى جهود صاحب السّمو الشيخ القاسمي الخاصة بالمسرحين العربي والعالمي، واهتمام جهات أجنبية بقراءة أفكاره وأعماله المسرحيّة التي كتبها، كما تمّ الحديث عما قدّمه للمسرح العربي في البلدان العربية، من خلال مهرجانات خاصّة مدعومة من الشارقة، عن طريق الهيئة العربيّة للمسرح، وكذلك أحياء سموّه المسرح الخليجي في الشارقة، وأيام الشارقة المسرحيّة، والمسرح المدرسي، والصحراوي، ورأى المتحدثان أنّ الشارقة ذات أثر كبير على المسرح الإماراتي ومنافسته مع المسارح العربيّة التي تأثّرت في فترة ما بعد الربيع العربي، ولقيت دعماً حثيثاً من صاحب السّمو القاسمي في استعادتها إبداعها ومساندتها في كثيرٍ من جوانبها الماديّة.
وقرأت الندوة جوانب إفادة العنصر الشبابي من المسرح التاريخي لصاحب السّمو القاسمي، في لفت انتباه الشباب العربي لواقعه وقضاياه ومستجدّاته، باعتبار المسرح مرآة حقيقيّة للمجتمع ومحاكاة صادقة له بطريقة جمالية وفنيّة للواقع.