افتتحت مؤسسة الشارقة للفنون بالتعاون مع متحف شيكاغو للفن المعاصر، معرضاً استقصائياً بعنوان «باني عبيدي: الرجل الذي تحدث حتى اختفى»، حيث يقام المعرض في الفترة بين 4 سبتمبر 2021 وحتى 5 يونيو 2022 في شيكاغو، بالولايات المتحدة الأميركية.
يستكشف المعرض الممارسات الفنية للفنانة باني عبيدي على مدى عقدين من الزمن، وانشغالها العميق بعدة وسائط فنية، ويحفل بأعمال تطغى عليها حكايات شخصية ومجتمعية تشكلت تحت تأثير العلاقات الجيوسياسية المتنامية بين الهند وباكستان، والصراعات التاريخية على السلطة في جنوب آسيا، بالإضافة إلى المصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، وهو من تقييم الشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون، وناتاشا جينوالا القيمة المساعدة في غاليري غروبيوس باو، وبانة قطان القيمة المساعدة في برنامج باميلا ألبير في متحف شيكاغو للفن المعاصر.
تأثرت أعمال باني عبيدي بنشأتها في كراتشي والتجارب التي عاشتها في مدن أخرى مثل شيكاغو حيث درست في معهد الفنون في شيكاغو، وبالتالي تتعامل مع المخيلة الاجتماعية والكوزموبوليتانية بنبرة راوٍ متمرّس، وتستخدم الفيديو والفوتوغراف والصوت والأعمال التركيبية لإماطة اللثام عن تأثير الصراعات الثقافية والسلطوية السياسية على حياة الجميع.
تطمس شخصيات عبيدي غير المتوقعة الخط الفاصل بين الفاعل والساكن، واللحظات المرسومة والعفوية، لتعرض أمامنا النسيج الاجتماعي على خشبة المسرح العبثي، وقد اشتهرت عبيدي طوال مسيرتها الفنية التي تمتد لعشرين عاماً على مستوى العالم جرّاء نقدها الساخر من الممسكين بزمام السلطة وأساليبهم المتنوعة في استخدامها، وتستعرض ممارساتها بنية الوقائع الاجتماعية السياسية وتأثير هذه السرديات على التجارب الفردية، مستمدةً إلهامها من التاريخ والأدب ووسائل الإعلام العامة والأحداث الجارية.
يتضمن معرض «الرجل الذي تحدث حتى اختفى» أعمالاً متنوعة تشمل سلسلتها المرسومة بالألوان المائية، والذي استمد المعرض عنوانه منها، بالإضافة إلى مطبوعات وأعمال تركيبية مثل «حواجز أمنية من الألف إلى الياء» و«تمارين على خطوط التوجيه»، الذي يتضمن خطوط انتظار متقاطعة على أرض الغاليري، مبنية على ثيمة فيلمها «المسافة من هنا».
كما يقدم المعرض عدة فيديوهات من أعمالها مثل «المانجو» و«الأخبار» و«النشيد الوطني»، حيث تعرض الفنانة أمام الكاميرا نسخة شبه خيالية عن نفسها، إلى جانب أعمال أخرى تظهر تطور ممارستها الفنية وانشغالاتها مع مرور الزمن. أيضاً تشمل المعروضات عمل «الموت عند زاوية 30 درجة» الذي عُرض بتكليف من مؤسسة الشارقة للفنون في دكيومنتا 13، واعتبر أول فيلم من أفلامها يحقق حضوراً عالمياً لافتاً، وعند عرضه للمرة الأولى في أميركا، قدّم العمل التركيبي متعدد الوسائط قصة خيالية عن سياسي بسيط يسعى إلى إنشاء تمثال تذكاري له، ويعبّر هذا العمل عن جنون العظمة والزيف والارتياب، ويقدّم في الوقت نفسه النحات رام سوتار الذي اشتهر في العالم الواقعي بأعماله التي تمجّد شخصيات تاريخية وأبطالاً قوميين.
كما يعرض للمرة الأولى عملاً جديداً بعنوان «إيماءات اليد المطمئنة لكبار الرجال، صغار الرجال، كل الرجال» (2021)، وتستعرض هذه السلسلة مجموعة من الحركات والقَسمات التي تشكّل صورة السلطة، وغالباً ما ترتبط بالذكورة كالكاريزما والرفاقية والحميّة الوطنية.
وعلى غرار ذلك، ينتظر الحشد في عمل «محجوز» بقلق واضح وصول أحد أعيان الدولة وموكبه إلى مدخل السجادة الحمراء، وتعرض إحدى قناتي الفيديو مشاهد لأطفال يلوحون بأعلام ورقية، وبائع بالونات متجولاً، وشرطة تنظّم حركة السير، بينما نرى على الشاشة الثانية وصول الموكب من دون صاحب المقام، ومن خلال عدسات عبيدي النقدية، تعكس هذه الأعمال الانتظار العصبي والمستفز المرتبط بالبيروقراطية وإنتاج الصورة العامة. عُرضت أعمال عبيدي للمرة الأولى في الشارقة سنة 2019، وذلك ضمن معرض «باني عبيدي: أرض المرح»، وتعتمد الممارسة لعبيدي والتي تشمل وسائط الفيديو والتصوير الفوتوغرافي والأداء، على الأحداث اليومية والتاريخية لاستكشاف القضايا المتعلقة بالقومية وسلطة الدولة.
وقد قدمت الفنانة العديد من المعارض الفردية كما شكّلت أعمالها جزءاً من مقتنيات متاحف عالمية منها: متحف الفن الحديث (نيويورك)، متحف غوغنهايم (نيويورك)، المتحف البريطاني (لندن)، تيت مودرن (لندن)، مجموعة برغر (هونغ كونغ)، مؤسسة ديفي للفنون، غوروغرام (الهند)، ومؤسسة الشارقة للفنون وغيرها.
وقد درست عبيدي الفنون البصرية في الكلية الوطنية للفنون في لاهور (1994)، ومدرسة معهد شيكاغو للفنون (1999)، وهي تقيم وتعمل حالياً بين برلين وكراتشي.