فاطمة عطفة (أبوظبي)
نظمت أمسية شعرية حافلة بالرؤى الإيجابية والصور الفنية الرقيقة التي تبعث النور والرجاء في النفوس، مؤكدة أن دولة الإمارات استطاعت أن تحول التحديات إلى فرص للعمل والأمل والنجاح في مواجهة الجائحة التي هزت العالم، وقد نُظمت أمس الأول تلبية لدعوة دولية من مهرجان برلين للمشاركة في فعاليات إحياء ذكرى ضحايا «كورونا».
وبدأ الأمسية الشاعر عادل خزام بقصيدته «كورونا.. الثقب الأسود لوجودنا» وفيها يقول: «إنها الأرض العجوز/ تتدحرجُ مثل جرّة فخّار على منحدر/ وقريباً ستصطدمُ بالصخرة الناتئة/.. لكننا لن نموت»، مشيداً بما قامت به كوادر الأطباء والإسعاف والممرضين من أعمال رفيعة.
وأشارت الكاتبة والإعلامية عائشة سلطان إلى أنها ليست شاعرة، لكن النفحات الوجدانية المؤثرة التي قدمتها تؤكد أن بوح القلوب لا يكون إلا شعراً. وتحت عنوان: «الرحيل مجرد خيال.. والإنسان صوت خالد» تقول: «السؤال مفتوح كسماء بلا نهاية، هو دائماً كذلك وسيبقى، أما زلتم تكتبون بعد كل هذا الموت والخراب؟ أما الإجابات فهي ما نكتبه كل لحظة، إنها أصواتنا التي تمطرنا بالحنين كعادتها وتعلن الحقيقة عالياً». وتؤكد سلطان أن الكتابة مفعمة بالأمل والحياة، وتستحضر أصوات الراحلين قائلة: «أما الذين رحلوا والذين فقدوا أصواتهم فسنكون أصواتهم، سنروي حكاياتهم وقصصهم التي اكتملت والتي غادروا قبل أن يكملوها، سنروي نصوصهم الضائعة في صناديق الذاكرة والعزلة وإضبارات المشافي، سنقرأ بأصواتهم التي نعرف والتي سنخترعها، تلك الأصوات التي تحشرجت وعلقت على مشاجب الغرف المعزولة عن الحياة قبل أن يرحل أصحابها. سنجمع أصواتهم ما استطعنا صوتاً صوتاً... سنخترع أصواتهم ونعلقها نجوماً على مداخل المدن، سنرمم بهم ذاكرة الوجود ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً».
وتحدثت الروائية والإعلامية ريم الكمالي عن الذين رحلوا بلا وداع، قائلة: «يعز على الطبيعة أن تختار متنبئاً يتنبأ لنا، ويندر أن ترسل لنا قارئاً يقرأ ما حولنا من غموض، لكنها تفيض لنا بالأمنيات لتبقى غريزة البحث فينا. ولأننا على امتداد عمرنا القصير رأينا كيف هي الطبيعة شهوانية المعنى تميل ولا تستقيم، تربكنا بمزاجها وتؤرقنا بجنونها، فإنه لا ضمان إلا بالتشابك معها أو ترويضها. والصواب أننا نحن من نروض أنفسنا معها وبذلك تضمن الطبيعة وجودها».
وبدوره قرأ الشاعر علي المازمي مقطعاً من قصيدته: «اليوم أدركت أن للنجمة ظلاً/ لقد عبرت صلاة جنازة/ لخفافيش قرب الشاطئ/ مشيت على الماء/ منبهراً بهذه التلال البيضاء/ النبوة أن تقبض على ظل/ والظل وحي مشفر/ والظل حقيقة/ الظل كثرة صامتة/ قليلون من سمعوا صوت الصمت/ وفهموا لعبة الأولياء».
وألقت الشاعرة نجوم الغانم قصيدتين، وفي «موت فشنو» تقول: «كان يتحدث إليك في آخر مساء/ وقف عند قدميك/ ذاك الذي يسمونه قابض الأرواح الغافلة/ هل قال إنك لن تتألم/ لكنك ألقيت رأسك على كتف الأحلام وشهقت كالأطفال/ كنت تظنه الساحر الذي خبأ الحيل/ تحت قبعة ألعابه/ لم تشأ أن تتألم/ ولم يسعفك الوقت أن تضحك/ انتزع من فمك صوت الصرخة واقتطف آخر رجفة من رئيتك/ بقيت على شفتيك ابتسامة لا يقوى أحد على إدراك مغزاها/ فيما عيناك ظلتا شاردتين تتبعان بريق النجمة التي تركها لك في شعر الليل/ هكذا عبرت وكأنك تدخل بلورة السحر..».
وقالت الشاعرة إيمان محمد في قصيدة: «من ذاكرة الإغلاق»: «مدن مغلقة مسورة بالحذر والريبة/ أقفلوا المدارس والجوامع/ علقوا الأفراح/ وعطلوا الأعمال/ وأرسلوا الموظفين إلى بيوتهم/ البيوت مكتظة بالمخاوف/ طرقات شبه خالية/ شوارع دون زحام/ ظلال قاتمة تتمدد».
وتحدثت الشاعرة البحرينية سوين دهنيم عن آلام الفقد في قصيدة «حجرنا جمر» قائلة: «لكأنهم ولدوا لينتسبوا إلى اللاشيء/ في الظلمات متسع لنمضي في مواسم غينا/ نتعلم الأسرار من جمر المواقد حولنا/ تتناثر الأشباح حين طريقنا/ ذهب مباح للغريب...» وجاءت مشاركة الشاعرة شما البستكي بالإنجليزية، والشاعرة شارل بالفرنسية.